الإعداد لفهم السفر
سأعود ثانيًا إلى ما سبق إن قلته في بداية هذه العظة: لا تدع أي شخص شهواني أو جسداني تنبعث منه رائحة الإنسان العتيق الكريهة (2 كو 2: 16) أن يقلل من أهمية الأفكار والكلمات المقدسة، ويستبدلها بأخرى شهوانية حيوانية، بل بالأحرى ليخرج كل إنسان من الأنا ويعتزل العالم المادي. ليصعد إلى الفردوس خلال قطع رباطات العالم إذ صار مثل الله خلال النقاوة. ثم نقول ليدخل كل منا إلى قدس أقداس الأسرار المعلنة في هذا الكتاب (سفر نشيد الأناشيد).
إذ ما كانت النفس غير مستعدة لسماع ذلك فلتنصت لموسى النبى الذي يمنعنا من الصعود على الجبل الروحي قبلما نغسل ثياب قلوبنا وأيضًا ننقى نفوسنا برش الماء المقدس اللائق لتنقية أفكارنا أولاً وبالتالي نفوسنا.
وحينما نتكرس لمثل هذه التأملات علينا إن نلقي جانبًا فكرة الزواج كما أمر موسى (خر 19: 15) حينما أمر الذين بدأوا بغسل ثيابهم بألاَّ يقربوا امرأة. علينا أن نتبع إرشاداته حينما نكون على وشك الاقتراب من الجبل الروحي لمعرفة الله: إذ أن الأفكار عن النساء وما يصاحبها من حب اقتناء الماديات يجب أن يُترك جانبًا مع اعتزال الحياة السفلية.
إذا ما قامت أي نزوة غير منطقية عند سفح الجبل يجب إن تُحطم بقوة مضادة من أفكار أكثر حزمًا كما لو كانت تُرجم بالحجارة. وإلا فسوف يصعب علينا أن نسمع صوت البوق الذي يتردد بصوتٍ عالٍ وعظيم يفوق طاقه السامعين. يصدر هذا الصوت من مكان وجود الله الخفي، والذي يحرق كل ما هو مادي فوق هذا الجبل.
يتبع…..
القديس غريغوريوسالنيصي