ثم يزيِّن سليمان جمال الحكمة بتمجيدها، وذلك حتى يزداد حبنا للحكمة بعدما تحولت ميولنا المادية إلى أخرى غير مادية. ليس أن سليمان يصور جمالها بالكلمات فحسب بل أنه أيضًا يذكر مقدار الغنى المذخَّر في الحكمة، حكمة الله التي تقطن معنا حتميًا. حينئذ نشاهد هذا الغنى في الحكمة الرائعة الزينة. إن الزينة على يمينها طول الأيام، إذ أن كلمات الحكيم تقول: “في يمينها طول الأيام” (أم 3: 16). وتلبس على يسارها ثروة الفضيلة الثمينة وعظمة المجد معًا؛ “وفي يسارها الغنى والمجد” (أم 3: 16).
ثم يتحدث سليمان عن العبير الذي يفوح من فم العروس، نسيم الرائحة الذكية التي للفضيلة: “من فمها يخرج كلام البرّ” (3: 16). وبدلاً من اللون الأحمر الطبيعي لشفتيّ العروس يقول إن الشريعة والرحمة تخرج من شفتيها. وحتى يكمل جمالها يمدح أيضًا خطواتها فيقول “في طريق العدل اتمشَّى في وسط سبل الحق” (أم 8: 20).
في مدحه لجمالها يمدح سليمان أيضًا ضخامة حجمها الذي يشبه شجرة مورقة عظيمة. وهذه الشجرة التي يبلغ ارتفاعها ارتفاع قامة عروسه، هي شجرة الحياة على حد قوله، وهي تغذي من يلتجئ إليها، وهي دعامة قوية وراسخة لمن يتكئ عليها كما على الرب، فهي بالمثل ثابتة. وتُمتدح قوتها أيضًا حتى يكون تمجيد جمال الحكمة كاملاً، مشتملة على كل ما هو صالح. “الرب بالحكمة أسس الأرض. أثبت السموات بالفهم” (أم 3: 19). ينسب سليمان جميع عناصر الخليقة إلى قوة الحكمة ويصفها بأسماء كثيرة، كلٍ يحمل المعنى ذاته للحكمة مثل التعقل، الإدراك الحسن، المعرفة، الفهم وما شابه ذلك.
ثم يرافق سليمان الشاب إلى محل إقامة خاص ويحثه ليتفرس في حجرة العرس. “لا تتركها فتحفظك، اَحببها فتصونك. الحكمة هي الرأس. فاقتنِ الحكمة وبكل مقتنياك اقتن الفهم. ارفعها فتُعلِّيك. تمجدك إذا اعتنقتها. تعطي رأسك إكليل نعمة. تاج جمال تمنحك”.