بين الأمثال والجامعة ونشيد الأناشيد
[يقدم القديس عرضًا رائعًا لهذه الأسفار الثلاثة بكونها الأسفار التي تسند المؤمن عبر كل حياته. يسنده سفر الأمثال كما من طفولته الروحية، ويسلمه إلى سفر الجامعة كإنسان عبر إلى نوع من النضوج، وهذا يسلمه إلى سفر نشيد الأناشيد، سفر العروس الكاملة المتحدة بعريسها، تتعرف على أسراره الإلهية.]
الإنسان غير قادر في كل مرحلة من مراحل حياته على إنجاز كل نوع من العمل. وأيضًا نجد أن حياتنا لا تتقدم بنفس الأسلوب في مراحل حياتنا المختلفة.
(فالطفل لا يستطيع أن يقوم بأعمال الإنسان الناضج، والناضج أيضًا لا يُحمَل بين يديّ مرضعته. إذًا فلكل مرحلة من العمر نشاطها الذي يناسبها.)
إذًا نجد أن النفس تنمو كالجسد أيضًا بترتيب خاص وتدرُّج يؤدي بها إلى حياة الفضيلة. فسفر الأمثال له أسلوبه المميز في تعاليمه، وسفر الجامعة له أسلوب آخر، بينما فلسفة نشيد الأناشيد تسمو على كليهما بتعاليمها الفائقة.
إن تعاليم سفر الأمثال تناسب الشخص الحديث السن، حيث أن كلماته تحث على أعمال تتلائم مع هذه المرحلة من العمر. “اسمع يا ابني تأديب أبيك ولا ترفض شريعة أمك” (أم 1: 8).
نرى هنا أن النفس في هذه المرحلة من العمر تتميز بليونة حيث يسهل تشكيلها، وأيضًا تكون بعد في احتياج للإرشاد والتشجيع الأبوي. يجب على الآباء (والأمهات) أن يتفهموا كيف يشجعوا أطفالهم ليكونوا أكثر حرصًا في استذكار دروسهم وأيضًا في الإصغاء بأكثر اهتمامٍ لنصائح والديهم، ربما عن طريق الوعود بتقديم هدايا لطيفة من وقت لآخر، مثل تقديم سلسلة ذهبية براقة حول عنقه أو تاج مزين بورود جميلة. على الوالدين تفهم مثل هذه الأمور تمامًا إذا ما كانت نيتهم وراء ذلك هو تقدُّم أولادهم.
هكذا فإن سفر الأمثال يبدأ بوصف الحكمة للطفل بطرق متنوعة، ويشرح الجمال الذي يفوق الوصف بحيث لا يوحي بأي خوف أو ارتباك بل بالأحرى يجذب الطفل إلى الشوق والرغبة في عمل الصلاح. إن وصف أوجه الجمال يجذب الشاب بطريقة ما للرغبة فيما يشاهده من هذا الجمال، وبالتالي يثير رغبته للمشاركة فيه.