الحب للناضجين!
لا تثير الشهوات الجسدية الأطفال، لأن الطفل غير قادر على الإحساس بها، وهي أيضًا لا تمثل مشكلة بالنسبة للشخص المتقدم في العمر. هكذا الأمر أيضًا بالنسبة للجمال الإلهي: فإن الطفل الذي تهزه كل ريح تعليم والإنسان المتقدم في العمر الذي قد قارب الموت كليهما غير قادرين على الشهوة الجسدية.
إن الجمال الإلهي لا يحرك مشاعر مثل هؤلاء، ولكنه يحرك مشاعر تلك الروح التي قد تجاوزت مرحلة الطفولة وقد بلغت زهرة شباب النضوج الروحي. إذ أن مثل هذه الروح يسميها السفر “العذارى” [ع3]؛ إذ ليس بها أي علامة من علامات تَقدُّم العمر من بقع أو تجاعيد أو ما شابه ذلك؛ فهي لا تفتقر إلى الإدراك الحسِّي لمرحلة الطفولة ولا هي واهية بسبب الكهولة. مثل هذه الروح تعيش في طاعة لأعظم وصية، ألا وهي أول وصية في الناموس أن تحب هذا الجمال الإلهي من كل قلبك ومن كل قوتك (تث 6: 5). إن العقل البشري غير قادر على إيجاد أي وصف، أو تشبيه أو تعبير يناسب هذا الجمال. لذلك فقد نمت تلك العذارى في الفضيلة، وقد دخلن حجال العرس في الوقت المناسب ليكتشفن الأسرار الإلهية.
الآن قد أحببن جمال العريس وخلال هذا الحب دنون منه. لأنه العريس الذي يكافِئ من يحبونه ويقول على لسان الحكيم: “أحب الذين يحبونني”، “عندي الغنى والكرامة” (إن العريس ذاته هو هذا الغنى) “وأملأ خزائنهم” (أم 8: 17، 21). لذلك تشتاق الأرواح إلى عريسها الحيّ الذي لا يموت وتتبع الرب الإله كما هو مكتوب (هو 11: 10). أنهم يحبونه، ويمشون وراءه بسبب رائحته الذكية، أنهم يتقدمون إلى ما هو أمامهم وينسون ما هو وراء. “اجذبني وراءك فنجري” [ع4].