الله لا يُحدّ باسم
يعود عريس النفس مرة أخرى ليقدم فلسفة أكثر سموًا، ويوضح أن القوة الإلهية لهي فائقة تمامًا، لا يمكن إدراكها بالمفاهيم البشرية. يقول النص: “اسمك دهن مهراق” [ع3]. يبدو لى أن هذه الآية تشير إلى الآتي: إن الطبيعة (الإلهية) غير المحدودة لا يمكن حصرها بدقة في اسم؛ بل فوق ذلك فإن كل مقدرة على الفهم وكل صيغة للكلمات والأسماء مهما بدت عظيمة وتناسب مجد الله فهي غير قادرة على إدراك حقيقته. ولكننا نلقي الضوء ونقتفي آثار ما نجهله متحسسين الطريق بكلماتنا، وأيضًا بالمناظرة لما نلمسه ندرك الأمور غير مدركة. ومهما كان الاسم الذي نختاره لنُعبر به عن رائحة المسيح الذكية فنحن لا نستطيع أن نُعبر عن قدر هذه الرائحة، ولكننا إنما نكشف عن مجرد أثر بسيط للرائحة المقدسة باستخدام اصطلاحاتنا اللاهوتية.
إذا ما سكبنا عطر من إناء يصعب أن نتعرف على طبيعة هذا العطر. ولكن إذ يتبخر الأثر البسيط من العطر المتخلف في الإناء نستطيع أن نكِّون فكرة عن العطر الذي سُكب منه. وهكذا نعلم أنه أيًا كان العطر المقدس في جوهره فهو يفوق كل اسم وفكر.
حقًا إن العجائب التي نشاهدها في الكون تعطي مادة للمصطلحات اللاهوتية التي بها ندعو الله حكيمًا، قديرًا، صالحًا، مقدسًا، مباركًا، أبديًا، ديانًا، مخلصًا وهكذا. كل ذلك يعطي دلالة بسيطة عن نوعية رائحة المسيح وخاصيتها حيث تحتفظ الخليقة بآثار الرائحة المقدسة من خلال عجائبها المنظورة كما في مثل إناء العطر. “لذلك أحبتك العذارى” [ع3]. هنا تذكر العروس لماذا مالت العذارى إليه وأحبته. من يستطيع ألا يحب مثل هذا الجمال طالمًا له العين الثاقبة التي تستطيع أن تُدرك مدى جماله؟ إن الجمال الملموس لهُو عظيم، ولكن ما هو بالتأكيد أعظم منه هو الجمال الذي نلمحه بمجرد النظره الخاطفة لهيئته الخارجية.