(…) تُرى ماذا يعني أن يكون المرء أرثوذكسيًّا؟ إنّ الكنيسة في لطفها الجميل، زوّدَتنا بسائر الأفكار الّتي ينبغي أن تحضر في ذهننا للجواب عن هذا السّؤال. هذه الأفكار تُعَبِّر عنها النّصوص المستخدَمة في طُقوسِنا (الخِدَم الليتورجيّة)، وهي نصوص رائعة، مشرقة بالنور، فيّاضة بالإلهام المفيد لخلاصنا.
ماذا تقول نُصوصُنا الطّقسيّة بشأن روسيّا واليونان وسواها من البلدان؟ ماذا تقول في المسيح الدّجّال، أو في مفهوم الوطن الأمّ؟ لا شيء إطلاقًا. فمَن يريد أن يكون أرثوذوكسيًّا، خيرٌ له أن يتّبع تعليم الكنيسة؟ بالنّسبة إليّ، ما لا يَرِدُ في إطار حياة الكنيسة الأرثوذكسيّة وتعليمها ليس أرثوذكسيًّا، ولا هو مُلهَم من الرّوح القدس، ولا يجلبُ لنا الخلاص. فلو قارَنْتُم بين تعاليم القدّيس سلوان، وطقوس عيد العنصرة كلّها، لوجدتُم تناغمًا كلِّيًّا، وكأنّ هذا الكتاب استمرار لتلك الطّقوس، وتوسُّع فيها. ولو قرأتُم كتُب الأب صفروني، لوجدتُم فيها كلِّها تعليقًا على كتاب “المعزّي”، موضوعُه خلاص البشَر. هذه هي الأرثوذكسيّة، هذا هو الإلهام، إلهام الرّوح القدس. فلا أريد أن أضيَّع الوقت المعطى لي لأعمل على خلاص نفسي في الانهماك بما ليس أرثوذكسيًّا، أعني بالعصبيّة القوميّة. أنا شخصيًّا أمرُّ بمأساة، كلّما ظهرَ لي الوجه الشّيطانيّ للعصبيّة القوميّة، ذلك الوجه القاتم الأسود. الأسبوع الفائت، تعيّن عليّ أن أقيم قدّاسًا إلهيًّا في كنيسة جاورجيّة، ولا تخفى عليكم الأزمة السّياسيّة بين روسيّا وجاورجيا. ثمّ إنّي لا أستطيع احتمال الفكرة أن ننظر إلى الآخر كما إلى عدوّ يجب قتلُه. ولكنّ كلّ كنيسة قوميّة من الطّرفَين تبارك القتل في سبيل حماية الوطن. أمّا الأب صفروني فيكتفي بترداد ما قالَه المسيح: إنّ مَن يولَد بالمسيح لا يستطيع أن يقتُل.