يقول القدّيس سلوان في كتاباته: “لكلٍّ في هذا العالم وظيفةٌ يتمّمها، سَواءٌ هو مَلِك أم بطريرك أم طبّاخ، أم حدّاد، أم معلّم، ولكنّ الرّب… سوف يعطي المكافأة العظمى للذي يحبّ الله محبّة عظمى”. فلنسأل أنفسنا إذًا: هل لي من موهبة؟ ما هي؟ كيف تظهر فيّ؟ فإذا قرأنا القدّيس سلوان، يسهل علينا الجواب: كلّ عمل محبّة وخدمة لأخينا هو نوعًا ما إظهار لموهبتنا الخاصّة بالرّوح القدس. هذا ما نراه في الرّسالة إلى أهل رومية 12، 8: ” الواعظ فبوعظه، والمعطي فبسخاء، والمدبّر فباجتهاد، والرّاحم، فببشاشة“. الوعظ، والسّخاء، والجدّيّة، والبشاشة، كلّها أيضًا خدمات. يقول القدّيس سلوان:“كثيرًا ما يحدث أنّ تحيّة واحدة لطيفة تولّد تغييرًا إيجابيًّا في النّفوس، فيما، على العكس من ذلك، نظرة واحدة عدائيّة تسبّب هروب نعمة الله ومحبّته منّا”. نحن لا ندرك مدى تأثير البذار الصالحة الّتي قد نبذرها بأعمالنا القليلة غير المهمّة، كإسداء كلمة تعزية صالحة للمتألّم، أو نصيحة مفيدة، او مجرّد معاملة الآخر بلطف. لقد لفتَني أنّه، في إنكلترا، إذا توتّرت الأجواء بين النّاس، كثيرًا ما يقترح أحدهم قائلا: “ما رأيكم بفنجان من الشّاي”، فيزول التّوتّر حالاً.
لَعَمري إنّ المسيح لم يذكر فنجان الشّاي، ولكنّه ذكر كوب الماء البارد. “ومن سقى أحد هؤلاء الصّغار ولو كأس ماء بارد… فالحقّ أقول لكم إنّ أجره لا يضيع “(متى 10: 42). كوب الماء البارد هذا قد يصبح عمل خدمتك، عمل إظهار موهبة الرّوح القدس الّتي فيك.