من خلال القدّيس سلوان، نفهم المعنى الحقيقيّ للعنصرة. يقول في كتاباته: “إنّ اختبار الرّسل للرّوح القدس، عندما نزل عليهم بألسنة ناريّة، علَّمَهُم معنى محبّة الله، ومحبّة الإنسان“. هكذا تَوضَّحَ مفهوم العنصرة بحدّ ذاته: فالرّوح القدس ينزل بألسِنةٍ ناريّة. والكلمة اليونانيّة -γλώσσα””- تُتَرجَم بلفظة “لِسان” وبلفظة “لُغة” في الوقت عينه. هنا الرّمزيّة بارزة! يُتيح لنا اللّسان، كعضو، التّواصل مع الآخَرين، ونحن نتعلّم “اللِّسان”، كلُغة، تُفسح لنا في المجال للتّواصل مع الآخرين أيضًا، وللدّخول في شركة معهم. إنّه إذاً عُضْوُ اتّحادِنا بعضُنا ببعض: هو المبدأ الّذي يسمح للنّاس بالتّواصل والمشاركة. فمن دون اللّسان، كعضو في الجسد، وكملَكة عقليّة لُغَويّة في آن، لا يمكننا أن نبني علاقات، ولن نجدَ المجال لا للمحبّة ولا لإظهارها. لذلك معنى العنصرة هو أنّ الرّوح القدس يعيد بناء الجسور المهدومة للتّواصل بين الناس: “يدعو الكلّ إلى اتّحاد واحد”، كما نرتّل في قنداق العنصرة. عند القدّيس سلوان أنّ التّحقيق الكامل للوحدة الّتي وُهبَت لنا يَكمُن في العنصرة. (…)
“طوبى للنّفس الّتي تحبّ الإخوة، فإنّ أخانا هو حياتنا. طوبى للنّفس الّتي تحبّ أخاها، فروح الرّب يحيا ويتجلّى فيها، ويُنعِمُ عليها بالسّلام والبهجة”. ويكتب في مكان آخر: “النّعمة تأتي من محبّة الإخوة، ومحبّتي للإخوة تحافظ على النّعمة. أمّا إن كنّا لا نحبَّ الإخوة، فلن تحلّ نعمة الله في نفوسنا”.