• الملحوظة الثّانية
أودّ الآن الانتقال إلى نقطة ثانية، أرى شخصيًّا فيها أهمّيّة قصوى لحياتنا اليوم، سواءٌ انتمينا إلى الرّهبنة، أم إلى الإكليروس، أم كنّا علمانيّين. إنّها حول الرّوح القدس والعلاقات مع الآخرين.
إنّ تعليم القدّيس سلوان يدخل في جوهر التُّراث الرُّهبانيّ الأُرثوذكسيّ، لِما يوليه من التّركيز على موضوع اقتناء الرّوح القدس. ونجدُ الاهتمامَ نفسَه عند القدّيس سيرافيم ساروف، في حديثه إلى “موتوفيلوف” قائلاً: “هدف الحياة المسيحيّة هو اقتناء الرّوح القدس”. إلاّ أنّ القدّيس سلوان يوضح لنا بجَلاء لا سابق له كيف يمكن اقتناء الرّوح القدس، وكيف يتجلّى حضوره. ويحدّد معايير ملموسة تدلّ على حضوره أو غيابه في النّفس البشريّة.
في ذهن النّاس، سيّما المسيحيّين الخمسينيّين والإنجيليّين، يرتبط الرّوح القدس بشعور من الانشراح والمرَح. أمّا وقد سمَّينا القدّيس سلوان “خمسينيًّا أرثوذكسيًّا”، فها إنّنا نصل إلى نقطة مِحوَرِيّة: ما يُميِّزُهُ عن النَّوع الآخر من الخَمسينيّين، أعني البْروتستانتيّين منهم، هو أنّ اختبار الرّوح القدس عنده ليس “نَوْبة حُبور وتهليل” وقتيّة تحتَ فعل الرّوح القدس، حيث يأتي النّاس حركاتٍ وأصواتًا خارجة عن المألوف لِبُرهة من الزّمن. عند القدّيس سلوان، إنّه حياة يوميّة نعيشها في الرّوح القدس، أكثر ما تتجلّى في علاقاتنا الشّخصيّة اليوميّة، علاقاتٍ مع النّاس بحسب المثال الإلهيّ. فالقدّيس سلوان يرى أنّ الرّوح القدس يدرّب الرّاهب على محبّة الله والعالم، أي البشريّة جمعاء.