الأرثوذكسية كنيسة التجسد والتأليه
أما من جهة “المضمون” فيمكن اعتبار الإلحاح في التنبيه إلى تجسد كلمة الله، وبنوع خاص، ألوهية المسيح، مبدءاً أساسياً للأرثوذكسية. ويناسب هذا التعليم تعليمها أيضاً عن “تأليه الإنسان” (Théosis) كخاصة رئيسية لكنيستنا. وقد أصبح تلازم هذين التعليمين عن تجسد الكلمة – ألوهية المسيح، وتأليه الإنسان، مألوفاً في الكنيسة الأرثوذكسية. من عهد أثناسيوس الكبير بطريرك الإسكندرية وبتأثيره. وفي هذا ما يفسر، في نظرنا، اعتبار “فصح الرب” “عيد الأعياد وموسم المواسم، الذي به المسيح الإله نقلنا من الموت إلى الحياة، ومن الأرض إلى السماء” وبآلامه ألبس المائت جمال عدم الفساد (4).
ولقد اعتبر البعض أن إلحاح كنيستنا الأرثوذكسية في إظهار عقيدة (التجسد) وألوهية المسيح، بنوع خاص، يشكل نقطة ضعف فيها. بيد أن الذين يعتبرون هذا نقصاً ينسون أن هذا النهج تعود نشأته رأساً إلى مسيحية القرون الأولى، وإلى الرسل أنفسهم، الذين كانوا يعبدون يسوع رباً وإلهاً.
ومن المعروف أيضاً أن الكنيسة القديمة الجامعة كلها – ليس في الشرق فقط – ومن عهد ظهور البدع الآريوسية، بنوع خاص، وما بعده، ازداد فيها الإلحاح في إظهار ألوهية الرب يسوع. على أن هذا ليس معناه تغاضياً من جانب الكنيسة الأرثوذكسية في تقدير الناحية الإنسانية في شخصية يسوع المسيح.