ولكن، لكي نستطيع أن نميّز بذور الأفكار الّتي تُفرِعُ فينا،علينا أن نسهر سهرًا كافيًا على حركات قلبنا، وكياننا الداخليّ. هذا السّهر يُدعىَ أيضًا “حفظ القلب”، وهو يحوي كذلك مجمل العلم الرّوحيّ، ويتضمّن درجات لا تُعَدُّ ولا تُحصى. ولكنّنا لا نستطيع أن نتمرّس فيه إلاّ بقدر ما تخلو حياتنا من الاضطرابات والحوادث الّتي تقطع علينا مسيرة الترقّب الداخليّ للنَّفْس. فكما يتعذَّر الإبحار في مياهٍ تخبطها الأمواج، كذلك لا يُمكِنُ أن نجتاز في خضمّ القلب المضطرِب.
أجل، تبقى شروط اليقظة الداخليّة صعبة التحقيق لمَن يعيش في العالم، فلذلك يوصي الآباء بتغذية الأفكار الصالحة لمقاومة الأفكار الشرّيرة. اعتاد الأب باييسيوس أن يقول: “الحياة الروحيّة كلّها كامنة في تغذية الأفكار الصالحة، وتنميتها بمشاركة القلب… يجب أن نجعل أنفسنا مصنعًا للأفكار الصالحة”.
ولكن ما هي تلك الأفكار الصّالحة؟ إنّها أوّلاً أن نطردَ الفكر الّذي يعودُ بنظرنا صوبَ الإنسان القديم ما إن يبزغ رأسه. نطرده فورًا بعلامة الصّليب وبالدّعاء باسم الرب وبوالدة الإله والقدّيسين. فمن دونهم، لا نستطيع شيئاً.
ثمّ علينا أن نجاهد لأن ننسب النّوايا الصالحة إلى الآخرين، ولو آذونا، من غير أن نحاول تحليل دوافعهم. “تغذية الأفكار الصّالحة تقودنا إلى الّصلاة من غير تشتّت”.