في “العصر الصّناعيّ” الّذي انتهى لتوِّه، كان الإنسان مستهلِكًا لا يشبع للسّلع المصَنَّعة، وقد جعل منها أصنامًا له. أمّا في المجتمع “ما بَعد الصّناعيّ” postindustrielle société، الّذي دخلنا فيه، ليس الإنسان مستهلكًا وحسبْ، بل يزداد استعبادًا للصّوَر والمعلومات الّتي تملأ حياته. إذًا تقتضي ممارسة النُّسك في العالَم أن نصومَ “صَوْمَ العَينَيْن”، أن نصوم عن المعلومات غير المفيدة، والملاهي الّتي تضيّع وقتنا، فيما نستطيع أن نستثمرَ هذا الوقت بالأنشطة الروحيّة الّتي تغذّي نفوسَنا. فمعظم النّاس يقولون إنّهم لا يملكون الوقتَ للصلاة وأنشطة الحياة الروحيّة، ولكنّهم يجدون الوقت لترصّد الأخبار الّتي تتدفّق بلا توقّف، ولا تعطي عن الحقيقة إلاّ صورة مُتَحيِّزة. والحقّ إنّ معظم هذه المعلومات غير نافعة، وهي بالأحرى “فراغ من المعلومات”، وحشو للدّماغ يتلاعب به أخصّائيّو وسائل الإعلام، فيستعبدوننا للأُدلوجات الطاغية idéologies، ويوهموننا بالمعرفة.