عرض مشاركة واحدة
قديم 04 - 07 - 2016, 01:32 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,351,589

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الجهاد الروحيّ من أجل سلام النفس

هذان المفهومان النّاشئان من خبرة الرّهبان مع العالم يلخّصان الجهاد الروحيّ خير تلخيص، حتى إنّ آباء الحياة الرهبانيّة سُمّوا “الآباء اليقظين”، أي الساهرين. فهؤلاء أحرزوا علمَ “سَهَر النَّفس”، الّذي من دونه يستحيل التواصل والله بالصّلاة.
وفقَ هؤلاء الآباء، تبدأ الحياة الروحيّة حُكمًا بالصّوم، أو ما يُدعى أيضًا “الإمساك” (εγκράτεια)، وهو لا يقفُ عند التزام الصّوم في الفترات المحدّدة كَنَسيًّا، استعدادًا للأعياد ولتناول الأسرار المقدّسة. أجل، هذه الفترات مهمّة لأنّها تعطي نمط حياتنا مَنحاه الكنسيّ، ولكنّها لا تكفي. فالصوم يجب أن يحدِّد حياتنا اليوميّة بشكل ثابت، ويضعُ حدودًا طوعيّة لمَيْلِنا إلى إشباع رغباتنا. إنّه يكمن في استبدال اللذة المادّيّة العابرة لا مَحالة بفرح الحرمان الطوعيّ. وفرح الحرمان بدافع محبّة الله يولّد فينا، بالمقابل، حِسًّا متناميًا لحضور الله. فالربّ بدأ رسالته بالانعزال في الصحراء، والانصراف إلى الصلاة والصوم، رغمَ أنّه لا يحتاجهما، لكي يعطينا مثالاً نقتدي به، ويعلّمنا أنّ مَن يريد اتّباعه عليه أن يصوم.
في ظروف حياتنا المعاصرة، يجب أن نعبّر عن الإمساك لا بالحرمان من الطعام فقط، بل بالجهاد ضدّ الشبع في كلّ أمر. وكلّ مَن أراد أن يحفظَ ضميرَه نقيًّا للحضور أمام الله معنيٌّ بهذا الامساك، وهو ينتمي إلى الّذين “يستعملون هذا العالم وكأنّهم لا يستعملونه”(1كو7: 31). لهذا ينصحنا الآباء أن ننهض عن المائدة قبل أن نشبع تمامًا، ونحن ما زلنا على قليل من الجوع. فالإمساك هو أن نتكفي بأقلّ ممّا يُشبِع رغباتنا وحاجاتنا. والتقليل من طعامنا ومن راحتنا كلّ يوم هو جهاد حقيقيّ، نقيس به مقدار شوقنا لله، ثمّ نطبّقه على الميول الأنانيّة الأخرى الّتي فينا.
  رد مع اقتباس