مثال القدّيسين
إنّ ما يُساعدنا على حملِ هذا النّير هو أن نتذكّر أمثلة الحياة المسيحيّة، أعني القدّيسين، سواءٌ هُم من الماضي أو في الحاضر. علينا أن نقتدي بشوقهم المضطرِم لله. ولعلّ أكثرَهُم اضطرامًا هو القدّيس إغناطيوس الأنطاكيّ. لقد كتَبَ هذا القدّيس رسالة إلى المسيحيّين في روما، يسألُهُم فيها ألاّ يحاولوا إطلاقه من قيوده، بل أن يتركوه فريسةً للوحوش:
“سامحوني يا إخوتي، لا تمنعوني عن الحياة، لا تطلبوا موتي. اسمحوا لي أن أقتدي بآلام إلهي… اتركوني فريسةً للوحوش، الّتي ستساعدني لأجدَ الله. أنا حِنطةٌ لله، فأُطحَنُ بأنياب الوحوش، لأُضْحِيَ خُبزًا طاهرًا للمسيح”.
بعد زمان الاستشهاد والاضطهاد، اضطرمَ بعضُ الناس اشتياقًا إلى “إتمام آلام المسيح في أجسامهم”، كما يقول بولس الرسول (كول1: 24)، فانصرفوا إلى البراري، وثقوب الأرض، والغابات الدّاغلة، أو صعدوا أَعمدةً، بَحثًا عن العُزلة المساعدة على الصلاة، ليُقاتلوا بالجسد الأبالسة الّتي حَسَدَتْ ما يتمتّعون به من القُربى إلى الله.