التوبة والتغصُّب وفق الإنجيل
هذا الجهاد الروحيّ يُعَبِّر عنه الآباء بكلمة “توبة” μετάνοια الّتي لا تعني مجرّد النّدم والأسف على الخطايا، والاعتراف بها، واتخاذ القرار بعدم العودة إليها. التوبة هنا تعني تغيير الذهن، تغيير الفكر، وتغيير نظرة الإنسان للحياة. عندما بدأ كلٌّ من القدّيس يوحنّا السابق والمسيح كرازتَه بالقول: “توبوا فقد اقتربَ ملكوتُ السموات، أرادا بذلك أن “غَيِّروا طريقةَ تفكيرِكُم، وعقليَّتَكُم، وسيرَتَكُم”.
بعد هذه الدَّعوة إلى التوبة، أضافَ الرّبّ: “ملكوتُ الله يُغصَب، والغاصبون يختطفونَه” (متى11: 12). وكذلك أكّد الآباء أنّ “حياة الإنسان المسيحيّ غَصبٌ دائمٌ للطبيعة”. ولكن مَن هم هؤلاء الغاصبون؟ أتُرى المسيحيّة تُشَجِّعُ العُنف، وهي الّتي تُعلِّم أنّ “الودعاء يَرِثونَ الأرض”؟ (متى5:5) إنّ هذا الغصب العنيف ليس موجَّهًا لا ضدَّ الناس الآخرين، ولا ضدَّ الخليقة المادّيّة، بل ضدّ التثاقُل الّذي ما زال فينا، وضدّ مُغرَيات العالم الخدّاعة، الّتي لا تنفكُّ تعود بنا إلى العيش بحسب “الإنسان القديم”.