كما أن فحص هذه المواد مخبريًا لن يؤدي إلى ملاحظة أي تغيير أو تحوّل فيها. وقد اعتبرت الكنيسة دائمًا أن انتظار تحوّل كهذا أو محاولة البحث عنه هما خطيئة وتجديف. فالمسيح لم يأت ليستبدل المادة “الطبيعية” بمادة “تفوق الطبيعة” بل ليستعيدها ويحققها باعتبارها وسيلة للشركة مع الله.
إن الماء المقدَّس في المعمودية والخبز والخمر المقدسين في سر الشكر تمّثل كامل الخليقة، لكنها تمّثلها كما ستكون في النهاية، أي عندما تتمّم في الله، ويملأ الله كل شيء بنفسه. فالتقديس إذًا، هو تجّلي تلك النهاية وظهورها، أي تلك الحقيقة النهائية التي من اجلها خلق العالم، فتحققت بالمسيح عن طريق تأنسّه وموته وقيامته وصعوده، ويعلنها الروح القدس في الكنيسة الآن، وستتم في الملكوت “الآتي”.
ولأن التقديس هو دائمًا تجّلي نهاية كل الأشياء فإنه لا يكون “نهاية بحدّ ذاته”. فالانسان يرى أن الخبز والخمر هما حقًا “جسد المسيح ودمه” لكي يحصل على شركة حقيقية مع الله. وليس في الكنيسة الأرثوذكسية عبادة للقرابين المقدسة ذاتها أو من اجل ذاتها، لأن تحقق سرّ الشكر يكمن في شركة الإنسان وتحوّله. ومن اجل هذا بالضبط، اعطي هذا السر.
والماء المقدّس حتَّى يظهر ويكون غفرانًا للخطايا وفداء وخلاصًا، أي حتَّى يكون ما هو مقصود لكل مادة أن تكون: وسيلة لغاية، أما الغاية فهي تأله الإنسان ومعرفته الله وشركته معه.