3- القديس إيرونيموس (Jerome):
حاول هذا القديس في جوابه إلى فيجيلانتيوس أن يبرهن له أننا نكرّم بقايا القديسين لأننا نعبد المسيح، ولا نعبد الأصنام، والأهم من ذلك أن أجساد المائتين في المسيح يسوع ليست منجّسة كما يقول البعض كاليهود والسامريين الذين يعتبرون الجسد غير طاهر (منجّس) ويبرهن ذلك مستندًا إلى الكتاب المقدس. أما نص رسالته فإليك به: “نحن بالحقيقة نرفض العبادة لا لبقايا الشهداء فقط بل أيضًا للشمس والقمر والملائكة ورؤساء الملائكة والشاروبيم والسارافيم وكل اسم من المسميات، لا في هذا العالم فحسب، بل في العالم الآتي أيضًا، فلذلك نحن لانخدم مخلوقًا أكثر من الخالق المبارك إلى الأبد، نكرّم بقايا الشهداء، ونعبد الرب، الشهداء هم شهداء للرب. إذا نحن نكرّم خدّام الرب الذين يعكسون ربّهم الذي قال: “من يستقبلكم يستقبلني أنا أيضًا”. ويتابع القول: أنا أريد أن أسأل فيجلانتيوس هل بقايا بطرس وبولس منجّسة؟ هل كان جسد موسى منجّسًا، الذي نحن نقول فيه أن الرب نفسه هو الذي دفنه؟.
هل في كل وقت ندخل فيه كنائس الرسل والأنبياء والشهداء نعبد صناديق ذخائر الأصنام؟. دعوني أوجّه هذا السؤال إليه هل كان جسد الرب منجّسًا عندما وضعوه في القبر؟!.: إذا كانت بقايا الشهداء لا تستحق الإكرام، فكيف نقرأ في المزمور ( 116: 110 ): “كريم لدى الرب موت قديسيه”؟ إذا كان الرجال المائتون ينجّسون من يلمسهم فكيف حدث أن الميت أليشع أقام الرجل الذي كان أيضًا مائتًا؟ فهذه الحياة أتت بعد موته (موت النبي) الذي هو بنظر فيجيلانتيوس يجب أن يكون منجّسًا.
انطلاقًا من هذا الرأي – رأي فيجيلانتيوس – يستنتج القديس “إن كل مخيّم من مخيّمات اسرائيل وشعب الله كان منجسًا لأنه حلّ فيه جسد يوسف وجسد البطاركة في الصحراء، وحمل أيضًا رقادهم المنجّس).
ويستمر القديس في طرح الأسئلة ويقول: “أنا أريد أن أسأل: هل بقايا الشهداء منجسة؟ ويجيب إن كان هذا صحيحًا فلماذا سمح الرسل لأنفسهم أن يسيروا وراء (جسد منجّس) استفانوس بموكب جنازي؟ ولماذا أقاموا له رثاء عظيمًا؟ (أعمال الرسل 8: 2).