بالإضافة إلى ذلك، كما يقول القديس اسحق السرياني، توجد للنفس عينان، بإحداهما نرى ما هو مخفي في الطبيعة (الثايوريا“المفهومة“)، وبالأخرى نعاين مجد الله، عندما يقودنا الله إلى الأسرار الروحية (الثايوريا “المستَقبَلة“).
لم يتكلم الأنبياء عن الله باستعمال خيالهم، لكن من خلال إعلان الله في قلبهم ونوسهم. يقول القديس باسيليوس الكبير أن الأنبياء “عاينوا صوراً مطبوعة في قدرتهم الحاكمة (النوس) بواسطة الروح القدس“. كما يعلِّم القديس غريغوريوس بالاماس قائلاً: “يحل الروح القدس على نوس الأنبياء، وهو إذ يستعمل القدرة الحاكمة كأداة، فإنه يعلن لهم المستقبل، ولنا من خلالهم“.
أعلن الله أسراره للأنبياء، لنوسهم داخل قلوبهم. فعقلهم، إذ يستمد المعونة من التعليم الملائم الذي يشتمل على صور للعالم المدرَك بالحواس، يقوم بتجميع هذا الإعلان، لكن الإعلان نفسه ليس له أية علاقة بالقدرة التخيلية. يتكلم الآباء القديسون عن الله دون أن يستعملوا خيالهم. أيضاً، ما يُسمى رمزاً في علم اللاهوت هو ليس مجرد رمز أو شيء رمزي، ولكنها قدرة تأتي من صميم طبيعة الوجود الإلهي. الأنبياء والذين دخلوا إلى الأسرار المقدسة لا يتخيلون الله، لكن الله يُستَعلَن لقلوبهم النقية.