عندما نقرأ تلك النصوص من كتابات الآباء القديسين والنصوص الأخرى المتعلقة بها، فإننا ندرك أنه على الرغم من أن القدرة التخيلية موجودة كقوة للجزء غير العاقل من النفس، إلا أن فعل التخيل والتخيل، خصوصاً عندما يكون مرتبطاً بالأهواء، هو نتيجة لسقوط الإنسان وهو ينجس النوس. يكون النوس في حالته الطبيعية خالياً من الخيالات والتخيلات. كما سنرى فيما يلي، فإن الشخص الذي بعد أن يصل لاستنارة النوس ومعاينة الله بعد تطهير حقيقي، يكون قد تخلص تماماً من استعمال خياله. هذا هو السبب الذي يجعلنا نصر على أنه ينبغي على المرء أن يتخلص من الخيالات والتخيلات، وأن يطهر نوسه تماماً. هكذا نفهم لماذا يتكلم الآباء عن التخلص من الخيالات والتخيلات لأن القدرة التخيلية، التي هي قدرة خاصة بالجزء غير العاقل من النفس، تصبح خاملة في الثايوريا النقية.
إننا نرى ذلك في المسيح. حيث أن طبيعته الإلهية أخذت الطبيعة البشرية بكليتها، وحيث أن الطبيعة البشرية اتحدت بالطبيعة الإلهية في شخص الكلمة، نتج عن ذلك أن المسيح أيضاً اتخذ قدرة النفس التخيلية. إلا أن القدرة التخيلية، كقدرة تخص جزء النفس غير العاقل، لم تكن تعمل في المسيح مثلما تعمل فينا نحن الذين تسود علينا الأهواء. نستطيع أن نقارن القدرة التخيلية لدى المسيح بجهاز التليفزيون الذي، على الرغم من كونه جهازاً لنقل الصور المتعددة، فإنه لا يفعل ذلك عندما يكون مغلقاً.هكذا، على الرغم من أن المسيح لديه قدرة تخيلية إلا أنها لم تكن تعمل فيه.