وبكلام آخر، الكنيسة هي امتداد التجسّد المقدَّس و”ملؤه”، بل هي امتداد حياة الابن المتجسد مع “كل ما جرى من أجلنا، الصلب والقبر والقيامة بعد ثلاثة أيام والصعود إلى السماء والجلوس عن يمين الآب” (قداس يوحنا الذهبي الفم، صلاة تقديس القرابين).
يكتمل التجسد في الكنيسة، لأن لكنيسة بمعنى من المعاني هي المسيح نفسه في ملئة الذي يجمع الكلّ (أنظر 1 كور 12: 12). هذه الوحدة بين الكنيسة والمسيح أشار إليها ودافع عنها أوغسطين فقال: “لا من أجل أن يجعلنا مسيحيين فقط، بل من أجل أن يجعلنا مسيحاً”، إن كان هو ارأس فنحن الأعضاء: “يتكون الإنسان الكامل منه ومنّا، المسيح والكنيسة”، لأن “المسيح لا يكون في الرأس أو الجسم (فقط)، بل المسيح الكامل هو الجسد والراس معاً” وعبارة المسيح الكامل (totus christus) التي كررها أوغسطين والتي كانت فكرته الأساسية والمفضلة استواحاها بالتأكيد من القديس بولس: “عندما أتحدث عن المسيحيين بصيغة الجميع أفهم أنهم واحد في المسيح الواحد. فأنتم كثيرون ولكنكم واحد: نحن كثيرون وواحد أيضاً. “فما ربنا يسوع المسيح في ذاته فقط، بل فينا” ، “هناك إنسان واحد حتى انقضاء الدهر”.
إن القناعة الأساسة في هذا الكلام كله واضحة: إن المسيحيين يتّحدون بالمسيح والمسيح يقيم فيهم وهذا الاتاد الحميم هو سر الكنيسة. فالكنيسة هي كما كانت، مكان حضور الرب الناهض الخلاصي في عالم مفتدى. “جسد المسيح هو المسيح نفسه”. والكنيسة هي المسيح لأنه أصبح بعد القيامة حاضراً بيننا، ويلاقينا على هذه الأرض . بهذا المعنى نقول: المسيح هو الكنيسة، “لأنه هو نفسه الكنيسة التي ضمّها إلى ذاته بسرّ جسده” . وفي تعليم كارل آدم: “المسيح، الرب، هو الأنا الحقيقية للكنيسة” .