تحمل لفظة “ekklesia” (كنيسة) التي هي ترجمة للّفظة العبرية “Qahal” تشديداً خاصاً في العهد القديم على الوحدة الأساسية للشعب المختار، إذ إنه مقدّس بجملته. فهذه الوحدة تأصَّلت في سرّ الاختيار الإلهي أكثر منها في واقع الملامح “الطبيعية”. وهذا التشديد لم يثبت إلاَّ عبر تأثير الاستعمال الهلِّيني لهذه اللفظة التي تدلّ عادة على اجتماع أسياد الشعب في المدينة وعلى اللقاء العام لجميع المواطين القانونيين. وعندما طُبقت هذه اللفظة على الوجود المسيحي الجديد احتفظت بمولدها القديم. فالكنيسة كانت الشعب والمدينة بآن واحد، لكن التشديد وُضع على وحدة المسيحيين العضوية.
منذ البدء كانت المسيحية توحِّد الناس حقَّاً لتجعلهم جماعة واحدة. فحتى يكون الإنسان مسيحياً عليه أن ينتمي إلى جماعة. لا يقدر أحد أن يكون مسيحياً بمفرده وكفرد منعزل، بل “بل الإخوة” وفي “شركة معهم”: “Unus christianus – nullus christianus” (مسيحي واحد – لا مسيحي). فالقناعة الشخصية وحدها أو حتى طريقة العيش وحدها لا تجعلان المرء مسيحياً، لأن الوجود المسيحي يتطلَّب اندماجاً في الجماعة، أي في الجماعة الرسولية، وفي مشاركة الاثني عشر ورسالتهم. “فالجماعة” المسيحية جمعها وأقامها يسوع المسيح نفسه “أثناء حياته في الجسد”، وأعطاها على الأقل قواماً وبنية مؤقتين عندما دعا الاثني عشر الذين أطلق عليهم لقب “الرسل” أو لقب “السفراء” (أنظر لوقا 6: 13: “الذين سمَّاهم رسلاً”). “فإرسال” الاثني عشر لا يكون مهمة فقط، بل يكون تفويضاً، لأنه أعطاهم معه “القوة” (مرقس 3: 15، متى 10: 1، لوقا 9: 1). ولمّا أقام الاثني عشر “شهوداً” للرب (لوقا 24: 48، أعمال 1: 8) استحقوا وحدهم أن يصونوا استمرار الرسالة المسيحية وحياة الشركة. إذن، كانت المشاركة في حياة الرسل السمة الأولى “لكنيسة الله” في أورشليم (أعمال 2: 42، Koinonia).