هذا ما قاله بالضبط باسيليوس الكبير نفسه عندما كتب أن “معظم الأسرار وصلتنا بطريقة غير مكتوبة”. أمَّا لفظة “الأسرار” (ta mystica) فتشير هنا بالتأكيد إلى سرَّي المعمودية والشكر الذين يرجعان، في رأي القديس باسيليوس، إلى أصل “رسولي”. في هذا الصدد يستشهد باسيليوس بالرسول بولس عندما يذكر “التسليم” التي تسلَّمها المؤمنون “مشافهة وكتابةً إليهم” (2 تسا2 : 15، كور 11: 2). فالمجدلة التي تحدثنا عنها هي الواحدة من هذه “التقاليد” (71، أنظر أيضاً 66): “شرع الرسل والآباء منذ البدء في الاهتمام بكل ما يختص بالكنائس، فحفظوا في السّر والصمت هيبة الأسرار”). والحق، أن كل المقاطع التي يستشهد بها القديس باسيليوس في هذا المجال لها طبيعة ليتورجية وطقسية، كرسم إشارة الصليب في خدمة قبول الموعوظين والاتجاه إلى الشرق أثناء الصلاة، وعادة الوقوف المستمر أثناء صلاة الآحاد، واستدعاء الروح القدس في القداس الإلهي، وتبريك الماء والزيت، ورفض الشيطان وكلّ مجده، والتغطيس في الماء ثلاث مرَّات في خدمة المعمودية. ويقول باسيليوس إن هناك العديد من “أسرار الكنيسة غير المدوَّنة” (66 و67) لم تُذكر في الكتاب، لكنها ذات أهمية وسلطة كبيرتين، وهي وسائل ضرورية للشهادة والاتحاد وأمور لا بدَّ منها لحفظ الإيمان الصحيح، وتأتي، كما يشير، من التقليد “الصامت” و”الخاص” : “من التقليد الصامت والصوفي ومن التعليم الذي لا يُعلن ولا يُقال”. لم يكن هذا التقليد “الصامت والسرّي (mystical) وغير المعلَن” عقيدة باطنية مخصَّصة للنخبة، لأن “النُخبة” كانت الكنيسة. “فالتقليد” الذي يحتكم إليه القديس باسيليوس هو الممارسة الليتورجية في الكنيسة.