القديس باسيليوس و”التقليد غير المدوَّن”:
اعتاد القديس إيريناوس أن يرجع دائماً إلى “الإيمان” كما سُلّم في المعمودية. وكان ترتليان والقديس كبريان يستخدمان البراهين الليتورجية . والقديس أثناسيوس والكبادوكيون استخدموا البرهان نفسه. لكن توسيع هذا البرهان القائم على التقليد الليتورجي نجده عند القديس باسيليوس. ففي مواجهته للآريوسيين بصدد الروح القدس بنى برهانه الأساسي على تحليله للمجدلات كما كانت تُستخدم في الكنائس. وكتابه “في الروح القدس” دوِّن بشكل اقتضائي، أي في نار الصراع اليائس، فخاطب ظرفاً تاريخياً خاصاً، لكنه عُني بمبادئ البحث اللاهوتي ومناهجه. في مبحثه هذا سعى القديس باسيليوس إلى البرهنة على نقطة حاسمة في عقيدة الثالوث الأقدس وهي مساواة الروح القدس في القيمة والكرامة (Homotimia) للأقنومين الأخرين. أمَّا مرجعه الأساسي فكان الشهادة الليتورجية أي المجدلة التي تحوي عبارة “مع الروح” والتي برهن أنها استُخدمت كثيراً في الكنائس. هذه العبارة غير موجدة في الكتاب المقدس لكنَّ التقليد صدَّق عليها. أمَّا أخصامه فلم يقبلوا إلاَّ بسلطان الكتاب المقدس، ولذلك حاول أن يبرهن شرعية الاحتكام إلى التقليد. فهو أراد أن يثبت مساواة الروح القدس في القيمة والكرامة، أي ألوهيته التي آمنت بها الكنيسة دائماً والتي كانت جزءاً من الاعتراف بالإيمان أثناء المعمودية. وكما أشار بحق الأب ب. بروش (Benoit Pruche)، كانت لفظة (homotimos)، عند القديس باسيليوس، معادلة للفظة “الواحد في الجوهر” (homoousios) (16).