هدف التفسير و”قانون العبادة”:
كان الاحتكام إلى التقليد احتكاماً إلى فكر الكنيسة، لأنه افتُرض أن الكنيسة كانت تملك معرفة الحقيقة وفهمها، إي حقيقة الإعلان و”معناه”. فالكنيسة كان عندها السلطان لنشر الإنجيل وتفسيره. لكن هذا لا يدلّ على أن الكنيسة كانت “فوق” الكتاب، فهي كانت تقف بجانبه مؤيِّدة إياه من دون أن تتقيَّد “بحرفه”. فالهدف الأول للتفسير كان في إظهار معنى الكتاب المقدس وغايته وبالأحرى معنى الإعلان و”تاريخ الخلاص” (Heilsgeschichte). كان واجب الكنيسة أن تبشِّر بالمسيح لا “بالكتاب” فقط. ولذلك لا نقدر أن نفهم استعمال التقليد في الكنيسة القديمة بشكل صحيح إلاَّ في إطار الاستعمال الفعلي للكتاب. فالكلمة حُفظت بشكل حيّ في الكنيسة فانعكست على حياتها وبنيتها، لأن الإيمان والحياة تلاحما عضوياً. ويحسن أن نذكر في هذا المجال مقطعاً شهيراً من “النعمة الإلهية” (de gratia Dei Indiculus) المنسوب خطأً إلى البابا كلستينوس، لأن وضعه الحقيقي هو القديس بروسبر من أكويتانيا : “هذه هي قرارات الكرسي الرسولي المقدس التي لا يمكن نقدها، والتي قضى بها آباؤنا على الابتداع المهلك… لننظر إلى الصلوات المقدسة التي يرفعها كهنتنا بتماثل في كل كنيسة جامعة في العالم كلّه وفقاً للتقليد الرسولي. وليؤكد قانون العبادة قانون الإيمان”.