والواقع أن هذا “القانون” لم يكن سوى شهادة الرسل وكرازتهم وبشارتهم، التي “أودعت” في الكنيسة وعُهد بها إليها من الرسل وحُفظت بصدق وسُلِّمت بإجماع عام في كلّ الأمكنة عبر تعاقب الرعاة “الذين تسلَّموا موهبة الحقيقة الثابتة إلى جانب التعاقب الرسولي”. ومهما كان المدلول الدقيق والمباشر لهذه العبارة التي تزخر بالمعاني فلن يعترينا الشك في أن هذه الحفظ الدائم للإيمان المودَع ونقله تحققا، عند القديس إيريناوس، بحضور الروح القدس في الكنيسة. لقد كان مفهوم الكنيسة عنده قائماً على “المواهب” و”المؤسسة” بآن واحد. وكان “التقليد”، في مفهومه، “وديعة حيَّة” (Juvenescens depositum) أعطيت للكنيسة لتكون نسمة جديدة للحياة، مثل نسمة الحياة التي أُسبغت على الإنسان الأول (aspiration plasmationis quemadmodum 1، 24، 3). والأساقفة و”القسوس” كانوا حرَّاساً مفوَّضين في الكنيسة وخدَّاماً للحقيقة التي أُدعت فيها. “حيثما تودع posita sunt” مواهب (charismata) الرب يحسن تعلّم الحقيقة ممن عندهم التعاقب الكنسي الآتي من الرسل (successio apud quos est ea quae est ab apostolis ecclesiae) وممن عندهم التصرف اللائق الذي لا عيب فيه وممن ينطقون بكلام طاهر لا غش فيه. فهؤلاء يحفظون أيضاً إيماننا هذا بالإله الواحد الذي خلق كلّ شيء، ويكثرون محبتنا لابن الله الذي أتمَّ تدبيراً عظيماً كهذا من أجلنا، ويفسرون لنا الكتاب من دون خطر ولا يجدِّفون على الله ولا يزدرون البطاركة ولا يحتقرون الأنبياء” (5، 26، 4).