وكانت نتيجة قصد إلهي لأنها تشير إلى مراحل التدبير الخلاصي الواحد. مارس بولس الرسول نوعاً من هذا التفسير حين قال في غلاطية (4: 24): “في ذلك رمز” (estin allegoroumena Hatina). هناك غاية واحدة إلهية وراء أفعال الله وقد أُعلنت كلّها في يسوع المسيح. يقول أوغسطين في هذا الصدد: “يجب أن نفتِّش عن السرّ في الفعل نفسه، وليس في الكلمة فقط” (In ipso facto non solum in dicto, mysterium requirere debemus) (العظة 6، 2 في المزمور 68). كان المسيح “سرّ” العهد القديم، لا لأن موسى والأنبياء “تحدَّثوا” عنه فقط، بل لأن مجرى التاريخ المقدس كلّه يتجِّه إليه. وبهذا المعنى كان تتمَّة لكل النبوءات. ولذلك لا نقدر أن نفهم العهد القديم بدقّة أو أن نكشف عن “أسراره” إلاَّ على ضوء المسيح، وقد كُشفت فعلاً بمجيء “المنتظر”. فالمعنى النبوي الحقيقي للنبوءات لا يُرى بوضوح إلاّ بعد أن تتحقق، لأن النبوءة التي لم تتحقق تظل مبهمة وغامضة (كما هو الحال في سفر الرؤيا الذي تشير نبوءاته إلى ما سيأتي “في النهاية”). هذا لا يعني إضافة معنى جديد إلى النص القديم، فالمعنى موجود فيه، لكننا لا نراه بوضوح. فمثلاً، عندما نماثل في الكنيسة الخادم المتألم في سفر أشعيا بالمسيح المصلوب، فإننا لا “نطبِّق” رؤية من رؤى العهد القديم على حدث من أحداث العهد الجديد، إنما نوضح معناها الذي لم يكن ممكناً أن يُفهم بوضوح قبل المسيح. فالذي كان أولاً رؤية (أي “توقّعاً أو حدساً”) أصبح الآن واقعاً تاريخياً.