أولاً يجب أن نستخدمه استخداماً تاريخياً إلاَّ أن هذا التاريخ مقدَّس، لأنه ليس تاريخ قناعات بشرية وتطوراتها، بل تاريخ أعمال الله وعظائمه. فأعمال الله هذه ليست تدخلاً إليهاً وعشوائياً في الحياة البشرية، بل أعمال متكاملة قادت الشعب المختار إلى هدف الله السامي، أي إلى المسيح. لذلك نرى الأحداث الأولى تنعكس على الأحداث اللاحقة، لأن هناك استمراراً في العمل الإلهي ووحدة في الهدف والقصد. هذا الاستمرار هو أساس المنهج التفسيري الذي يرتكز على دراسة رموز الكتاب (Typology). فالمصطلحات الآبائية كانت وفيرة في هذا المنهج التفسيري. لكن يبقى التمييز بين منهجين تفسيريين واضحاً، لأن الاستعارة (allegory) منهج تفسيري أيضاً. فيه يسعى المفسِّر إلى البحث في النصوص والمقاطع والجمل وحتى الكلمات ليتوصل إلى المعنى الخفي الذي يوجد فيها، “وراء الحرف”. أمَّا في منهج “دراسة الرموز” فيسعى إلى شرح الأحداث وتفسيرها دون شرح النص نفسه. ولذلك ما كانت منهجاً فيلولوجياً فقط، بل كانت منهجاً تاريخياً يهدف إلى إبراز التوافق الضمني بين الأحداث في العهدين، الذي يجب كشفه وتثبيته وتقويمه. إن المفسِّر “الرمزي” لا يسعى إلى بحث الأمور المتشابهة، لأننا لا نجد لكلّ أحداث العهد القديم “ما يُشبهها” في العهد الجديد، مع أن بعض الأحداث الأساسية في التدبير القديم كانت صوراً ورموزاً أو “نماذج” لأحداث أساسية في العهد الجديد.