إذ يبدأ فيحس برضا على ذاته بتأثير كلام الناس الذين يحيطون به ويمدحونه بطرق شتى فيأتي شيئاً فشيئاً إلى ادعاء السيطرة والتسلط التام على الرغبة فيحمله هذا على الغيرة من نجاخ الكهنة الآخرين مثلاً أو على التراجع عن الخدمة الغيورة في حالات الفشل أو على القيام ضد الرعية أحياناً.. وهذا لعمري خطر حقيقي يفسد حياة كهنة كثيرين ويسممها مانعاً صفاء حكمهم في أمور الرعاية والرسالة. فيؤول الأمر بهم في خدمتهم قضية مقدسة إلى تقليص معنى الكنيسة والنعمة والمجانية الإلهيّة وإلى حصرها في مجرد مُصَلَّى وهم لا يدركون، فتقوم مقام عبادة الرب عندهم عبادة شخصهم الصغير. وليس هذا بخطر وهمي نظري بل هو وارد كل يوم. لا بد، في كثير من الأحيان من أن يحدث عند المؤمنين نوع من “التركيز النفسي” على الكاهن والتعلق به. فسلطة الكاهن تبدو لهم ذات طابع خاص تجذبهم إليه. قد لا يريدها هو كذلك ولكن هذا من الأمور النفسانية الإنسانية. النساء مثلاً كثيراً ما يُعجبن بالكاهن ويتعلقن به، وأيضا الشباب، إذا كان يتحلى بمواهب طبيعية تسهم في أن تتكون حول شخصه نوع من “هالة” تضر شيئاً فشيئاً به وبقضيته. فيجب عليه بالضرورة أن يقيم نضالاً ضد رعيته في هذا المضمار وذلك بشكل مهذب ولكن بشكل عنيف أحياناً، لكي يفهِمهم أنها ليست هذه هي العلاقة الصحيحة التي يجب أن تقوم بينه وبينهم، ولا هي طريقة الخدمة الكنسية السليمة، بل التفاني المتبادل من كلا الجهتين وبالتالي لا ينبغي أن يتورطوا بنشاط محموم غير معتدل، فهذه تجربة خطرة تؤول إلى نكسات وخيمة العاقبة.