وإلى جانب تجدّد الكاهن عن طريق الفرح الداخلي بالسر الذي يحياه في الليتورجيا الإلهية فإنه يتجدّد أيضاً عن طريق اتصاله بالآخرين اتصالاً حياً وعميقاً وبروح الاحترام للشخص الآخر. فإن الرب كثيراً ما يكشف لنا ويفهمنا أموراً أساسية ثمينة عن طريق الآخرين ويفتق فينا فرحاً شخصياً من خلال فرح الآخرين وذلك من جراء ما نصادفه وما ننصح به وما نعلّمه (بتشديد اللام) في ممارسة سر الاعتراف مثلاً أو بمناسبة الإرشاد والمحادثات الروحية. فعلينا إذن أن نكون على دوام الاستعداد لفهم سر الخلاص في نور جديد في كل آن يتم فيه أمامنا يوماً بعد يوم. كل ذلك استمداداً من السر المحوري الذي هو الليتورجيا. فكل ما يحدث معنا في حياتنا اليومية ومن نعيش معهم إنما يدخل في نطاق سر واحد ويتيح لنا أن نجدّد معرفتنا لسر الخلاص الوحيد. يقول الرسول: “جدّدوا أذهانكم” (أف4: 23)، فيمكن مثالاً على ذلك أن يحصل هذا في الإفخارستيا، إذ تتكشف لنا فيها يوماً بعد يوم مفاهيم جديدة على صعد مختلفة فنغتذي من هذه الرؤية ونرى كل شيء من خلالها، ونصير في حالة “شكرية” تمد عمل سر الشكر في كل مكان وتحول كل شيء إلى شكر فيتجدّد كل شيء بحضور الرب ويضحي احتفالاً ومدحاً وحمداً وتسبيحاً. وهكذا يوماً بعد يوم نصبح مقيمين في سلام داخلي أساسي لا يناله القلق ولا الآلام والاضطرابات المختلفة. الآلام والاضطرابات قد تبقى وهي في كثير من الأحيان من نسيج الحياة لا تخلو من فائدة للمرء الممتحن إلا أنه هناك في الأعماق يبقى سلام للرب وإن كنا لا ندرك ذلك دائماً.