إن صلاة الكاهن تنهل مباشرة من صلاة الكنيسة (التي هي صلاة الإله المتجسد) متغذية من القداس الإلهي، وكل الخدمات الطقسية. فإذا كان متيقظاً “حياً” تنسجم فيه الصلاتان وتتطابقان، أعني صلاة الكلام وصلاة الروح، صلاة الكنيسة التي هي صلاة الروح القدس، وصلاة روحه هو، لأن هناك ارتباطاً صميماً بين روح الله وروح الإنسان يمكننا من أن نلتصق بسهولة بنعمة الرب، فنبقى في نضارة وتأهب وثقة ولا نعود نلتفت إلى حقارتنا أثناء إقامتنا للقداس الإلهي. عند ذاك يدخل فينا فعل الروح ويفعل، وهو روح الصلاة، فنصير خيراً من روح صلاتنا.
ولكن لا يظن ّ الكاهن من جراء هذا أنه معفى من مطالعة الكتاب المقدّس وأنه يستطيع أن يستغني عنها بل الأمر هو عكس ذلك، لأن مطالعة الكتاب هي أيضاً طريقة وطريق لتجديد نفسه تجدّداً عميقاً. فليقرأ الكتاب ببطء مكتفياً ببضع آيات منه يتأملها ويتعمق في معناها فتكون فرصة لتجمع ذاتي وتأمل كياني. ينبغي أن “نجترّ” الكتاب المقدّس في هدوء وصمت، في لحظات نرفع فيها النفس صباحاً باكراً وفي مجرى النهار انطلاقاً من آية كتابية ما وحول فحواها، فيكفي هذا عند ذاك لأن تكون نفسنا متجردة وغير لاصقة بالاهتمامات الأرضية بل “مرطّبة” وفرحة بالروح. إن الكاهن بحاجة إلى ذلك لكي لا يغرق في فرائضه وواجباته الخارجيّة…