تراث اللاهوت البيزنطي:
إن إحدى نتائج تحديدنا الكيفي للأدوار الزمنية هي جهلنا التراث اللاهوتي البيزنطي. لكننا أصبحنا الآن مستعدِّين أكثر من العقود الماضية لأن نقبل سلطان “الآباء” الدائم، خاصة عندما ظهر إحياء الدراسات الآبائية في الغرب. ومع ذلك فنحن ما زلنا نتجه إلى تضييق مجال قبولنا لها، لأن الكثيرين غير مستعدين لإدراج اللاهوتيين البيزنطيين بين الآباء، ولأننا مازلنا نميل إلى اعتبار العصر البيزنطي متمّماً للعصر الآبائي بشكل يكون فيه أقل شأناً، ولأننا مازلنا نشك في وثاقة صلته المعيارية بالتفكير اللاهوتي. لقد كان اللاهوت البيزنطي أكثر بكثير من ترداد للاهوت الآبائي، فالجديد الذي برز فيه لم يكن اقل أهمية من “القِدَم المسيحي”. والحق، أن اللاهوت البيزنطي استمرار عضوي لعصر الآباء. فهل حصل أي انقطاع؟ وهل تغيَّرت روح (ethos) الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية في حقبة تاريخية معيّنة، علماً بأن شيئاً من هذا لم يلاحظ قط، بحيث ما ظهر فيها من تطور لاحق كان ذا سلطة متدنية عما سبقه؟ قبولنا بهذا الشيء يُستنتج ضمناً من التقليد الحصري بالمجامع المسكونية السبعة. فنحن بهذا نهمل القديس سمعان اللاهوتي الحديث والقديس غريغوريوس بالماس والمجامع الكبيرة التي أيّدت الحياة الهدوئية والتي عُقدت في القرن الرابع عشر. فما هي أهميتهم وسلطانهم في الكنيسة؟