وهذا ما دفع القديس إيريناوس إلى إحكام مفهومه الخاص عن “التقليد” الذي يقاوم “التقاليد” الخاطئة التي أوردها الهراطقة والتي كانت غريبة عن فكر الكنيسة . فكان لا بد للاحتكام إلى “القدم” أو “التقليد” أن يكون انتقائياً وتميزياً، لأن بعض “التقاليد” التي تعلل بها الهراطقة كانت خاطئة. فيجب على المرء أن يبحث بدقة عن “التقليد الحقيقي”، الذي قدر أن يرجعه إلى سلطان الرسل والذي يثبته ويؤكده إجماع (consesio) الكنائس. لكن لا يكتشف هذا الإجماع بسهولة، لذلك بقيت بعض الأسئلة مطروحة. أما مقياس القديس إيريناوس فكان سليماً وصحيحاً: التقليد هو التقليد الرسولي الجامع. وأوريجنس حاول في مقدمة كتابه “المبادئ” أن يضف غاية “الاتفاق” القائم الذي كان ضرورياً وإلزامياً بالنسبة إليه، فأورد مجموعة من النقاط المهمة التي تحتاج إلى مزيد من الدرس. فكانت هناك تقاليد محلية تختلف في اللغة والنظام حتى ضمن الشركة الدائمة في الإيمان و”القدسات” (in sacris). يكفي أن نذكر الخلاف الفصحي بين روما والشرق، حين برزت مشكلة سلطة العادات القديمة. ويجب أيضاً أن نذكر الصراع الذي دار بين قرطاجة وروما والصراع الذي دار بين الإسكندرية وإنطاكية الذي بلغ قمته المأساوية وطريقه المسدود في القرن الخامس. ففي هذا العصر من الصراع اللاهوتي الحاد احتكمت جميع الأطراف إلى التقليد و “القدم”. ولذلك تراكمت على كل الجوانب “سلاسل” من الشهادات القديمة. فكان يجب أن تُفحص بدقة هذه الشهادات على أسس تتجاوز مبدأ “القدم” وحده.