أعظمهن المحبة ولكن إن كانت فضيلتا الإيمان والرجاء ثابتتين، ومرتبطتين بالمحبة، فلماذا يقول الرسول إن المحبة هي الأعظم؟
يقول ذلك:
(أ) لأنها طبيعة الله، مارسها منذ الأزل ويمارسها إلى الأبد. يقول الإنجيل إن الله محبة (1يوحنا 4: 8، 16) لكنه لا يقول إن الله إيمان أو إنه رجاء. نعم إنه يعطي المحبة والإيمان والرجاء، ويضع ثقته في المؤمنين لتحقيق أهدافه للعالم، ويرجو أن يخدموا غيرهم، لكنه يقول إن «مَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ يَثْبُتْ فِي اللهِ، وَاللهُ فِيهِ» (1يوحنا 4: 16).
(ب) والمحبة أعظم من الإيمان والرجاء، لأنها تُنتج نتائج أعظم. إنها تجعلنا أبناء أبينا الذي في السماوات (متى 5: 45) ويقول الرسول: «كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِاَللهِ كَأَوْلاَدٍ أَحِبَّاءَ، وَاسْلُكُوا فِي الْمَحَبَّةِ كَمَا أَحَبَّنَا الْمَسِيحُ أَيْضاً وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، قُرْبَاناً وَذَبِيحَةً لِلَّهِ رَائِحَةً طَيِّبَةً» (أفسس 5: 1، 2).
(ج) لأنها تبارك الآخرين. الإيمان والرجاء بركتان للمؤمن نفسه، فالإيمان ينفع صاحبه لأنه يخلصه من خطاياه «آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ» (أعمال 16: 31). والرجاء يعطي صاحبه أملاً. لكن المحبة تنفع صاحبها وعائلته وملكوت الله كله. فالإنسان الذي يحب الله من كل القلب ينال البركة، ويحب أهل بيته وأسرته وكنيسته والذين يختلفون معه.
(د) والمحبة هي الصفة الباقية: يشبه الإيمان موسى وقد وقف يرى أرض كنعان من على قمة جبل الفسجة أمامه، ولكنه لم يدخلها (تثنية 34: 1) بالرغم أنه كان مؤمناً أن الشعب سيأخذ الأرض.
ويشبه الرجاء كوكب الصبح المنير اللامع الزاهي المتألق في الأفق، يعلن طلوع النهار. ولكن عندما تشرق الشمس يختفي في بريقها.
أما المحبة، فهي مثل إيليا الذي صعد إلى السماء في مركبة نارية (2ملوك 2: 11) فلا ترى الموت. فالمحبة تصعد معنا للسماء، وتبقى معنا لأن الله محبة!
يثبت الإيمان، ويثبت الرجاء، وتثبت المحبة. ولكن أعظمهن المحبة.
ليملأ الرب قلوبنا بالمحبة العظيمة التي لا تسقط أبداً.