2- الإمكانيات البشرية
لكي نعيش في القداسة العملية يجب أن نقدم كل إمكانياتنا البشرية وإرادتنا الشخصية تحت تصرف الروح. فلكي يقوم الروح بعمليات: التجديد والتطهير والملء، على الإنسان من جانبه واجب مثلث أيضاً هو: الأمانة، والاعتزال، والتكريس.
( أ ) الإماتة:
أي صلب الذات. فان عملية التجديد التي يقوم بها الروح القدس داخلك إنما هي في حقيقتها عملية إماتة لذاتك القديمة ليضع عوضاً عنها ذات جديدة. هي صلب الذات ليحيا المسيح كما يعبر معلمنا بولس الرسول قائلا: "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في" (غل20:2).
وعملية التجديد هذه التي يقوم بها الروح القدس لابد وأن يقابلها من جانبك عملية أخرى وهي إماتة أعضائك "أميتوا أعضاءكم التي على الأرض الزنا النجاسة الهوى الشهوة الردية الطمع.." (كو5:3). ولهذا يقول بولس الرسول أيضاً "الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات" (غل24:5). ويشير إلى ذلك أيضاً في موضع أخر فيقول "احسبوا أنفسكم أمواتاً عن الخطية" (رو11:6).
حقيقة نحن في المعمودية قد متنا مع المسيح، إذ يقول بولس الرسول "أم تجهلون أننا كل من اعتمد ليسوع اعتمدنا لموته فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضاً في جدة الحياة. لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضاً بقيامته. عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد صلب معه ليبطل جسد الخطية كي لا نعود نستعبد أيضاً للخطية" (رو3:6-6). هذا ما يحدث في المعمودية. إماتة وقيامة في جدة الحياة … ولكن إذ يعود الإنسان للخطية يسقط الإنسان مرة أخرى تحت عبوديتها … ويعود الإنسان العتيق لسابق حياته، من أجل ذلك يحذرنا بولس الرسول قائلا: "إذاً لا تملكن الخطية في جسدكم المائت لكي تطيعوها في شهواته ولا تقدموا أعضاءكم آلات للخطية" (رو12:6،13). لهذا لزم أن تكون عملية الصلب والإماتة مستمرة بالتوبة الدائمة والسهر حتى لا تسمح للذات أن تعود ثانية للظهور بل يكون المسيح هو الكل في الكل.
ورب سائل يقول: كيف أصلب ذاتي؟! لكي نوضح هذا الأمر أسوق لك الصورة التي تخيلها أحد رجال الله.
أنى سمرت ذاتي على الصليب كأني أخذت حياة الذات بكل رغباتها، وأميالها، ومطامعها للشهوة والكمال، وتقلباتها، وحكمها على الآخرين، وبغضها، أخذتها كمجرم وقلت أنت ملعونة. يجب أن تموتي. إلهي قد سمرك على الصليب. وإني أضعك هناك باختياري وبمحض إرادتي بالإيمان وسأتركك معلقة هناك".
فعلى الإنسان أن يسلم الذات باختياره للمسيح حتى يصلبها، وهو الذي يقوم بدور إماتتها … ثم اسلك في الحياة حاسباً نفسي ميتاً "احسبوا أنفسكم أمواتاً عن الخطية"(رو11:6). فان حاولت الخطية أن تتجاذب أطراف الحديث معك لكي تسقطك في حبائلها، لا تجاوبها لأنك ميت. لا تتفاوض مع الشيطان بل اعتبر نفسك ميتا.. لا يغرنك العالم لأنك قد حسبت نفسك مائتا.. ولا يقتصر عملك على هذه النواحي السلبية بل تتجه بقلبك في الحال إلى شخص الرب يسوع الساكن فيك وقل له: