(جـ) المــلء:
إن حياة القداسة حياة دائمة النمو، فهي وإن كانت تبدأ عند التجديد، لكنها تنمو بالتدريج في اختبارات العمق. والملء هو المرحلة التي فيها يمتلك الروح القدس كلية زمام المؤمن، ويقتاده عبر نهر الأعماق، نهر السباحة الذي لا يعبر، الذي خاض فيه حزقيال النبي ودون اختباره قائلا: "وقاس ألف ذراع وعبرنى في المياه والمياه إلى الكعبين. ثم قاس ألفاً وعبرنى في المياه والمياه إلى الركبتين. ثم قاس ألفاً وعبرنى والمياه إلى الحقوين. ثم قاس ألفاً وإذا بنهر لم أتستطيع عبوره. لأن المياه طمت. مياه سباحة نهر لا يعبر" (حز3:47-5).
آه يا أخي ليتك تختبر عمل النعمة هذا المبارك. إنك في الميرون قد أصبحت مسكنا للروح القدس الذي حل فيك بالسر. ولكنك قاومت الروح مراراً (اع51:7) وأحزنت الروح أيضاً(أف30:4) وربما يا أخي تكون قد أطفأت الروح من داخلك. (1تس19:5). إن هذه الموهبة التي أخذتها عندما تضرمها(2تى6:1) في الداخل تنعشك وتمتلك حياتك ملكية تامة.
هل أنت مشتاق إلى عمق هذا الاختبار، إذن ارفع صوتك مرنماً...
لقـد تشــوقت لقـد تعطشـت
لهذا ربي رجـوت أدخل إلى العمق
خذني إلى العمـق خذني إلى العمق
نهر سباحة لا يعبر هذا هو العمـق
هذا هو الروح الناري الذي أشتاق الأنبا أنطونيوس أن يحصل تلاميذه عليه فقال لهم:
"ذلك الروح الناري العظيم الذي قبلته أنا اقبلوه أنتم أيضاً .. اطلبوا باستقامة قلب هذا الروح الناري وحينئذ يعطي لكم بالصلاة .. وهو يكشف لكم الأسرار العلوية، وأشياء أخر أمسك عن قولها، ويكون لكم فرح سماوي ليلا ونهاراً." {حياة الصلاة الأرثوذكسية ص24 نشر دير السريان}
هذا هو عمل النعمة في حياة المؤمن. فبدون النعمة لا يستطيع أن يسير مع الله أو أن ينفذ وصاياه ولقد حرمت المجامع الكنسية كل من يقلل من شان النعمة. وقبل أن أعرض قرارات هذه المجامع، أناجيك من كل قلبي أن تخضع ذاتك تحت إرشاد الروح القدس وتطلب من الله أن يسكب نعمته فيك حتى تنجو من الهلاك.