(ب) التطهير:
وهو تنقية النفس من شوائب الشرور وآثار الخطية، وهي عملية تستمر مع المؤمن مدى حياته على الأرض ويقوم بها الروح القدس نفسه لهذا فنحن نصلى في القداس الإلهي قائلين "وصيرنا أطهاراً بروحك القدوس".
[القداس الباسيلي - صلاة التقديس]
فان السر في عدم نقاوتنا أننا لم نسلم أنفسنا للروح القدس لكي ينقينا بالإيمان كما قال معلمنا بطرس الرسول "معطياً لهم الروح القدس إذ طهر بالإيمان قلوبهم" (أع9:15). ولكن إذ نسلم ذواتنا للروح القدس يقوم هو بتطهيرها وتنقيتها حتى أن الخطية تصبح مكروهة جداً ومبغوضة ولا تطيقها نفسك.
ولقد صور هذه الحالة نيافة الأنبا إغريغوريوس بقوله "في حالة القداسة، التي أصبح إليها المولود من الله، تمسى الخطية غير مقبولة إليه، وتمسى مكروهة جداً لديه، وتمسى شنيعة في عينيه، وتصير عفنة وقذرة لا يقدر أن يتطلع إليها بعينيه، خذ مثلا لذلك قطعة من اللحم المتعفن. فحينما تكون هذه القطعة من اللحم يتحرك فيها الدود، ولها هذه العفونة، هل تقدر أنت أن تقبل إليها. بالطبع لا. لو أن واحداً قربها إلى فمك لأشحت عنها وجهك، وتريد أن تسد أنفك لأنك لا تقدر أن تقبلها، وقد تكون جائعاً ومع ذلك لا يمكن أن تقبلها ولا تستسيغها، ولا تقدر أنت أن تأكلها، وتمسى أنت غير قادر على أن تأكلها. فبهذه الشناعة تمسى الخطية شنيعة، تمسى الخطية مكروهة للإنسان المولود من الله، والذي يحتفظ بحالة الولادة من الله ويحتفظ ويصون وسائط الخلاص المعدة في الكنيسة. لو أن واحداً من الناس رأى شيئاً من المأكولات العفنة في المذبلة، فهل يليق به أن ينحني ليأخذ من المزبلة شيئاً ليأكله؟ …
هذه هي مشاعر القديسين عندما يكونون في حالة الروحانية العادية إذ تصبح لهم الخطية مكروهة جداً.
[مفهوم الخلاص في الكنيسة الأرثوذكسية ص19 للقمص باخوم المحرق الأنبا إغريغوريوس].