( د ) حسبان بر المسيح:
إن للتبرير معنى أعظم بكثير من مجرد الغفران والمحو، وعدم حسبان الخطية علينا، فهذه كلها أمور سلبية لتطهير المؤمن من نتائج الخطية. فإن أسمى ما في التبرير هو الناحية الإيجابية أي حسبان بر المسيح لنا. يوضح ذلك معلمنا بولس الرسول في قوله "جعل الذي لم يعرف خطية، خطية لأجلنا. لنصير نحن بر الله فيه" (2كو20:5).
وقد علق على ذلك القديس يوحنا ذهبي الفم بقوله: (إن الرسول لم يقل "جعل البار خاطئاً. ليصير الخطاة أبراراً ولكنه قال ما هو أسمى من ذلك بكثير. ولم يقل جعل الذي لم يخطئ بل الذي لم يعرف خطية. جعله لم يقل خاطئاً بل جعله خطية لنصير نحن ليس أبراراً بل براً وبر الله. فهذا هو بر الله أننا لم نتبرر بالأعمال بل بالنعمة حتى أن جميع خطايانا قد محيت. وهذا الأمر لا يدفعنا إلى الكبرياء، إذ أن الكل عطية مجانية من الله، وفي نفس الوقت ترينا عظمة ما حصلنا عليه)
(N.P.Frs 1st. Ser. Vol. X11 P. 33)
ويعود معلمنا بولس الرسول فيقول: "متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السابقة بإمهال الله وإظهار بره في الزمان الحاضر ليكون باراً ويبرر من هو من الإيمان بيسوع" (روو24:3-26).
ويعلق على ذلك القديس يوحنا ذهبي الفم قائلا ما هو إظهار البر؟ إن إظهار البر يشبه إظهار الغنى، فالغنى هو ليس أنه غنى فحسب بل أنه يغنى الآخرين. ومثل إظهار الحياة، ليس أنه حي فحسب بل إنه يعطى الأموات حياة. ومثل إظهار قوته، ليس أنه قوى فحسب بل إنه يعطى الضعفاء قوة.
فهكذا أيضاً في إظهار بره، ليس أنه بار فحسب، بل إنه جعل المملوئين فساداً ونتانة أن يصيروا أبراراً ...
ولكي يوضح ذلك أي (إظهار بره) أضاف قائلا: (ليكون باراً ويبرر من هو من الإيمان بيسوع) فلا تشك إذن لأن التبرير ليس بالإعمال بل بالإيمان فلا يفوتك بر الله، إذ أنه امتياز له صفتاه:
v سهولة الحصول عليه.
v وعموميته للجميع.
فلا تتوان ولا تخجل، فإذ قد أظهر أنه هو نفسه الذي يقوم بهذا العمل، وهو بالتأكيد يجد فيه مسرة وفخراً، فلماذا تغتم أنت وتخزى من الأمر الذي يتمجد به سيدك؟!
(N.P.Frs 1st. Ser. Vol.X1 P.377, 378)