3- من أجلك بذلت دمى:
يحكى في الأدب الصيني عن حاكم أمر وزيره بأن يصنع له ناقوساً يكون من الفخامة بحيث يسمع رنينه على بعد مئات الأميال. وأمره أن يقوى صوته بالنحاس وأن يعمقه بالذهب ويحليه بالفضة، وأن يعلقه في وسط العاصمة. فجمع الوزير الصناع المهرة وأخذوا في صهر المعادن ولكن ما أشد خيبتهم عندما صبوا المزيج فانفصلت المعادن بعضها عن بعض. ومع ذلك أمر الوزير بإعداد المزيج مرة ثانية إذ باءت محاولتهم بالفشل. فلما علم الحاكم استشاط غضباً وتوعد الوزير بالإعدام إن لم تنجح المحاولة الثالثة.
وكان للوزير ابنة وحيدة، عندما سمعت ذلك انفطر قلبها حزناً على مصير أبيها. فجابت البلدان تسأل عن حل لهذه المشكلة. فتقابلت مع أحد الشيوخ المحنكين فقال لها: لن يقترن الذهب بالنحاس، ولن يعانق الحديد الفضة ما لم يصهر معها لحم عذراء، وما لم تمتزج المعادن بدمها. وفي يوم المحاولة الثالثة والأخيرة لصب الناقوس، جلست الفتاة بجوار صهريج المعادن المنصهرة. وما أن هم الوزير ليصدر الأوامر للصناع ببدء الصب حتى قذفت الفتاة بنفسها في جحيم المعادن الملتهبة ليمتزج بها لحمها ودمها. وكانت كلماتها الأخيرة: "من أجلك يا أبى بذلت دمى".
فما أن رأى الوزير ابنته الوحيدة تلقى بنفسها حتى هم بأن يلحق بها لولا أن المحيطين به قد امسكوه ..
وعلق الناقوس في وسط العاصمة فكان كلما ارتفع صوته دوى في آذان الجميع بكلمات الفتاة الأخيرة ..
عزيزي إن غضب الله معلن من السماء على البشرية التي فشلت في صنع إنسان جديد طاهر قديس .. وأين له الطهارة إن لم يمتزج بدم ابن الله القدوس الذي بذل ذاته على الصليب ليهرق دمه فيختلط بطبيعتنا البشرية المتنافرة فيوفق بينها .. "من يأكل جسدي ويشرب دمى يثبت في وأنا فيه".(يو56:6).
هو ذا ناقوس الكنيسة معلق في منارتها تحت الصليب ليعلن صوت الفادى: من أجلك بذلت دمى "ونحن بعد خطاه مات المسيح لأجلنا".(رو8:5).