وإنجيل مرقس على خلاف ذلك ملحوظ فيه أنه يخاطب "الأمم" ولا يتحفَّظ في سرد الأخبار الإلهية التي كانت تحول بين بني إسرائيل "المحافظين" والإيمان بألوهية المسيح.
وإنجيل لوقا يكتبه طبيب ويقدمه إلى ثري كبير، فيورد فيه الأخبار والوصايا من الوجهة الإنسانية، ويحضر في ذهنه ثقافة الثري الذي أهدى إليه نسخته وثقافة أمثاله من العلية.
وإنجيل يوحنا غلبت عليه فكرة الفلسفة. بدأه بالكلام عن "الكلمة" Logos ووصف فيه التجسد الإلهي على النحو الذي يألفه اليونان ومن حضروا محافلهم ودرجوا معهم على عادات واحدة.
وسواء رجعت هذه الأناجيل إلى مصدر واحد او أكثـر من مصـدر، فمـن الواجب أن يدخل في الحسبان أنها هي العُمدة التي اعتمد عليها قوم هو أقرب الناس إلى عصر المسيح، وليس لدينا نحن بعد قرابة ألفي سنة عُمدة أحق منها بالاعتماد.
ونحن قد عوَّلنا على الأناجيل، ولـم نجد بين أيدينا مرجعا أوفَى منها لدرس حياة المسيح والإحاطة بأطوار الرسالة وملابساتها".