ونقدم هنا تاريخ أدوم? قبل هذه النبوات? وبعدها:
أما تاريخ أدوم قبل هذه النبوات فهو عاصف لا يهدأ. فبعد موت الملك شاول أظهر أهل أدوم عداوتهم لأسرائيل? وإذ كان الملك داود مشغولاً بإخضاع الملك هدد عزر ملك صوبة في شمال سوريا? هاجم الأدوميون الجزء الجنوبي من أرض يهوذا مهددين العاصمة أورشليم? فرجع داود وهاجم أدوم وقتل 18 ألف أدومياً في وادي الملح جنوب البحر الميت. وظلت أدوم خاضعة لمملكة يهوذا حتى حكم يهورام من 853-841 ق.م. وبعد موت يهورام بخمسين سنة غزا أمصيا ملك يهوذا أدوم واستولى علىحصنها سالع ـ سالع كلمة عبرية معناها صخرة? والبتراء هي كلمة صخرة في اللغة اليونانية ـ .
وبعد اضمحلال أشور زحفت جحافل الكلدانيين على شرق الأردن والتهمت أدوم وأمماً أخرى ـ 52 ـ .
أما تاريخ أدوم بعد هذه النبوات? فإن سقوط مملكة أشور كان الموعد التقريبي لاتمام النبوات ضد أدوم.. أما بقية تاريخ أدوم فهو ما حدث بعد أن تحققت النبوات. ولعل النبطيين هم بنو المشرق المذكورون في حزقيال 25: 4? في القرن السادس ق.م. ومن المكابيين الأول 5: 3 نرى أن اليهود هزموا أدوم. ويقول يوسيفوس أن هيركانوس وسمعان الجيراسي هاجما أدوم تباعاً. وهكذا تحققت هذه النبوة.
في وقت ميلاد المسيح كانت البتراء مزدهرة? فقد كانت في طريق التجارة إلى آسيا? كما يقول المؤرخ سترابو وكانت سوقاً لتجارة العطور والأطياب العربية. وفي خلال الحكم الروماني جمعوا الأدوميون لليهود? وصار أسم المملكة الواحدة أدومية . وقبيل حصار تيطس لأورشليم سمح لعشرين ألف أدومي بدخول المدينة المقدسة فعاثوا فيها سرقة وقتلاً. ومنذ ذلك الوقت اختفى ذكر الأدوميين ـ بني عيسو ـ من التاريخ! ـ 38 ـ .
وعندما احتاج اليهود إلى العون في إثناء الحصار الروماني ـ 70 م ـ كان الأدوميون أكثر ما يكونون أذى. وبعد مذبحة اليهود? عاد الأدوميون إلى بلادهم? ليختفي ذكرهم من صفحات التاريخ? ولو أن عاصمتهم البتراء استمرت. وتقول دائرة المعارف البريطانية إن اضمحلال البتراء بدأ قبل الغزو الإسلامي لها في القرن السابع الميلادي ـ نبوة رقم 3 ـ . وقد بنى الصليبيون قلعة هناك في القرن الثاني عشر? واحتلها فيما بعد القبائل الرحَّل? وظلت على هذه الحال حتى اكتشف موقعها الرحالة السويسري بوركهارت عام 1812 ـ 37 ـ - ـ وهكذا تحققت النبوة رقم 8 ـ .
ويقول هنري موريس أن أدوم تُذكر كثيراً في الكتاب المقدس? ولكنها سقطت من تاريخ العالم حتى القرن التاسع عشر. وقد ظن بعض النقاد أن أدوم لم يكن لها وجود? حتى ظهرت كتابات عنها في الآثار المصرية والأشورية? وأخيراً أظهرت الحفريات أطلال البتراء نفسها? مدينة الصخرة? فأفحم النقاد الذين كانوا يظنونها أسطورة ـ 43 ـ
كانت البتراء إحدى عجائب العالم القديم? مبنية في جبل صخري? وكان الكثير من أبنيتها محفوراً في الصخر الأحمر الوردي? فكانت رائعة الجمال? مستحيلة على الغزاة? لها مدخل واحد ضيق يشبه الخندق يمكن أن تحميه فرقة صغيرة من العسكر تهزم جيشاً كبيراً من الأعداء.