والعلماء مستريحون على أنهم يمتلكون اليوم النص الصحيح لكتابات المؤلفين اليونانيين والرومانيين من أمثال سوفوكليس وشيشرون وفرجيل مع أن معرفتنا بهذه الكتابات تعتمد على عدد قليل من المخطوطات? بينما مخطوطات العهد الجديد تُحصى بالألوف ـ 13 ـ .
إن مقارنتنا نص العهد الجديد بنصوص الكتابات القديمة تؤكد لنا أن العهد الجديد صحيح بدرجة مذهلة? لأن الذين نقلوا مخطوطاته فعلوا ذلك بدقة بالغة وباحترام كبير لأنه كتاب مقدس. ولقد حفظت عناية الله لنا مخطوطات للعهد الجديد من كل عصر كاملة وصحيحة? تؤكد لنا ـ بالمقارنة بمخطوطات الكتب القديمة ـ سلامة العهد الجديد من كل عيب.
قال محررو الترجمة الإنكليزية المعروفة ـ r.s.v. ـ في مقدمتهم لترجمتهم: يتضح للقارئ المدقق من ترجمتنا عام 1946? وترجمتي عام 1881 و 1901 أن تنقيح الترجمة لم يؤثر على أية عقيدة مسيحية? لسبب بسيط وهو أن آلاف القراءات المختلفة لم تستدع أي تغيير في العقيدة المسيحية .
إن آلاف المخطوطات القديمة الموجودة من العهد الجديد? مع سيل المخطوطات الأخرى التي تُكتشف? تؤكد لنا أن العهد الجديد قد تم نقله لنا بأمانة كاملة? تطمئننا تماماً على العقيدة المسيحية - وأن اعتمادنا على العهد الجديد - على أساس علمي - أقوى من اعتمادنا على أية مخطوطة قديمة أخرى!
وقال الأستاذ عباس محمود العقاد في كتابه حياة المسيح ـ كتاب الهلال يناير 1958 ـ:
ليس من الصواب أن يقال إن الأناجيل جميعاً عُمدة لا يعّوَل عليها في تاريخ السيد المسيح? لأنها كُتبت عن سماع بعيد ولم تكتب من سماع قريب في الزمان والمكان? ولأنها في أصلها مرجع واحد متعدد النَّقلة والنسَّاخ? ولأنها روت من أخبار الحوادث ما لم يذكره أحد من المؤرخين? كانشقاق القبور وبعث موتاهم وطوافهم بين الناس وما شابه ذلك من الخوارق والاهوال.
وإنما الصواب أنها العمدة الوحيدة في كتابة ذلك التاريخ? إذ هي قد تضمنت أقوالاً في مناسباتها لا يسهل القول باختلافها? ومواطن الإختلاف بينها معقولة مع إستقصاء أسبابها والمقارنة بينها وبين آثارها. ورَفْضُها على الجملة أصعب من قبولها عند الرجوع إلى أسباب هذا وأسباب ذاك.