"لذلك قال أبواه:
إنه كامل السن اسألوه". [23]
+ إذ سألوهما ثلاثة أسئلة: هل هو ابنهما؟ وهل ولد أعمى؟ وكيف أبصر؟ اعترفا بإجابة سؤالين فقط، وما ذكرا إجابة للسؤال الثالث، وفعلهما هذا صار من أجل الحق، حتى لا يعترف آخر إلا من نال الشفاء نفسه.
القديس يوحنا الذهبي الفم
د. حوار ثان بين الفريسيين والأعمى
"فدعوا ثانية الإنسان الذي كان أعمى، وقالوا له:
اعطِ مجدًا لله،
نحن نعلم إن هذا الإنسان خاطئ". [24]
استدعوا الأعمى للمرة الثانية وتعاملوا معه بوقارٍ شديدٍ وتكريمٍ ليكسبوه في صفهم، قالوا له: "أعط مجدًا لله"، أي لتقسم باسم الله أن تنطق بالحق. ثم حاولوا أن يملوا عليه لينطق بما يريدونه وهو أنه متظاهر كنبي وأنه معتد على الناموس، فإنه بهذا يسرهم، فينال منهم كرامة. ويرى البعض أن هذا إجراء ديني قانوني مؤداه أنه مزمع أن يصدر حكم خطير ضده، إي قطعه من شعب الله أو الحكم عليه بالموت. وكأنهم يشهدون الله عليه قبل قطعه أو موته.
لعلهم بقولهم هذا عنوا هذا: "إنه رجل خاطئ وشرير، فأعطِ مجدًا لله بالأكثر، لأنه استخدم هذا الرجل أداة ليعمل به".
أرادوا أن يتشبهوا بيشوع عندما حكم على عاخان بالرجم إذ سأله أولاً: "أعطِ مجدًا للرب" (يش ٧: ١٦)، وطلب منه ألا يخفي شيئًا عنه، بل يعترف بما فعله حيث صار "حرام في وسط إسرائيل".
سبق أن أعلن السيد المسيح مجاهرة: "من منكم يبكتني على خطية؟" في حضوره لم يجسر أحد أن يتهمه، لكن من ورائه كانوا يقولون: "نحن نعلم أن هذا الإنسان خاطئ" [٢٤].
+ لم يقولوا للأعمى قولاً في ظاهره يخلو من الخجل بأن ينكر أن السيد المسيح أبرأه، بل أرادوا أن يخترعوا هذا الجحود بشكلٍ ورعٍ، لأنهم قالوا له: "أعطِ مجدا لله" وفي قولهم هذا وقاحة ظاهرة.
إذ يقولون للأعمى عن السيد المسيح: "نحن نعلم إن هذا الإنسان خاطئ" أخاطبهم: كيف لم توبخوا السيد المسيح عندما قال: "من منكم يبكتني على خطية؟" (يو 8: 46)؟! من أين عرفتم أنه خاطئ؟
القديس يوحنا الذهبي الفم
+ ماذا يعني "أعط مجدًا لله"؟ اجحد ما قد نلته. فإن مثل هذا التصرف لا يمجد الله بل هو تجديف عليه.
القديس أغسطينوس