"فسألوهما قائلين:
أهذا ابنكما الذي تقولان أنه وُلد أعمى،
فكيف يبصر الآن؟" [19]
إذ لم يحتمل هؤلاء القادة نور الحق قدموا سؤالاً للوالدين في أسلوب يحمل عجرفةً وتهديدًا، فلم يكتفوا بالشر، وإنما بثوا الرعب وسط الشعب لكي يشاركوهم جحودهم للمسيا ورفضهم للحق الإلهي.
+ لم يقولوا: "الذي كان في وقت من الأوقات أعمى"، لكنهم قالوا: "الذي تقولان أنه ولد أعمى"، فقاربوا أن يقولوا: الذي جعلتماه أنتما أعمى.
القديس يوحنا الذهبي الفم
"أجابهم أبواه وقالا:
نعلم أن هذا ابننا،
وأنه وُلد أعمى". [20]
لم يخجل والداه من الاعتراف بأنه ابنهما الذي بسبب الفقر مع العمى كان يستعطي، وإذ لم يكونا شاهدي عيان لشفائه تهربا من الإجابة عن كيفية إبصاره خشية طردهما من المجمع.
"وأما كيف يبصر الآن فلا نعلم،
أو من فتح عينيه فلا نعلم.
هو كامل السن اسألوه،
فهو يتكلم عن نفسه". [21]
حقًا لم يكونا شاهدي عيان، لكنهما حتمًا قد عرفا وتأكدا من ابنهما نفسه، أن يسوع هو الذي شفاه. استخدما الحكمة البشرية ففقدا نعمة الشهادة للسيد المسيح، وحُرما من تقديم ذبيحة شكر وشهادة حق لصانع الخيرات. خشيا البشر فنصبا شركًا لنفسيهما ولابنهما، وكما يقول الحكيم: "خشية الإنسان تصنع شركًا، والمتكل على الرب يُرفع" (أم ٢ם: ٢٥).
"قال أبواه هذا، لأنهما كانا يخافان من اليهود،
لأن اليهود كانوا قد تعاهدوا
أنه إن اعترف أحد بأنه المسيح يخرج من المجمع". [22]
الطرد من المجمع يعني عزله عن جماعة المتعبدين ويسمى ذلك nidui، وهو أقل أنواع الحرومات عند اليهود. أما الأناثيما cheram, anathema فأُستخدم ضد المسيحيين بعد القيامة.
كانت عقوبة الاعتراف بيسوع أنه المسيح هي الطرد من المجمع، إذ يُحسب كمن قد ارتد عن الإيمان اليهودي، فعزل نفسه عن الجماعة، ويُحسب متمردًا وخائنًا للقيادة الدينية. بطرده يدرك الشخص أنه غير أهلٍ لكرامة الانتساب إلى شعب الله، وعجزه عن التمتع بامتيازات إسرائيل.
لهذا الطرد نتائجه الخطيرة: الحرمان من العبادة العامة مع الشعب، والتطلع إليه ككاسرٍ للشريعة، فيُحرم من ممارسة العمل التجاري، كما يفقد حريته، وتُصادر ممتلكاته.
+ لم يعد الطرد من المجمع بالأمر الشرير. هم يُطردون والمسيح يستقبلهم.
القديس أغسطينوس