كان يهوذا تلميذاً للرَّب، ولكن ذلك لم يمنعه من السرقة والخيانة، لأن محبته للمال فاقت محبته للرَّب. وهذا تنبيه لنا أن نبقي محبتنا وثقتنا بالرّب قوية لكي لا ننهزم ونسقط بسبب الطمع ومحبَّة المال.
في قصة سكب مريم للطيب على قدمي الرّب يسوع نجد موقفاً صحياً ورائعاً من المال: فبالنسبة لمريم رأت في المال وسيلة لتعبر عن محبتها وعبادتها وتفانيها لشخص الرّب يسوع له المجد. أي أن مريم استخدمت المال لغرض صالح ومقدس. أما بالنسبة ليهوذا، فإن هذه المحبَّة الفيّاضة التي ظهرت في عمل مريم كانت خسارة، فيهوذا تحسّر على المال لأنه أراده لنفسه، وكأن لسان حاله كان يقول إن الرّب يسوع لا يستحق المال.
عبّرت مريم عن محبتها للرَّب بالعطاء غير المحدود، أما يهوذا، فإن المال كان عائقاً أمامه. وبقي يهوذا بعيداً عن الرّب لأن قلبه كان نحو المال، حتى قادته أطماعه أن يخون الرّب في سبيل المال. وهكذا فإن موقفنا من المال والممتلكات الأرضية يعكس بوضوح موقفنا وعلاقتنا بالرّب. نقرأ في تيموثاوس الأولى 6:6-10 "وَأَمَّا التَّقْوَى مَعَ الْقَنَاعَةِ فَهِيَ تِجَارَةٌ عَظِيمَةٌ، لأَنَّنَا لَمْ نَدْخُلِ الْعَالَمَ بِشَيْءٍ، وَوَاضِحٌ أَنَّنَا لاَ نَقْدِرُ أَنْ نَخْرُجَ مِنْهُ بِشَيْءٍ. فَإِنْ كَانَ لَنَا قُوتٌ وَكِسْوَةٌ فَلْنَكْتَفِ بِهِمَا. وَأَمَّا الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ فَيَسْقُطُونَ فِي تَجْرِبَةٍ وَفَخٍّ وَشَهَوَاتٍ كَثِيرَةٍ غَبِيَّةٍ وَمُضِرَّةٍ تُغَرِّقُ النّاس فِي الْعَطَبِ وَالْهَلاَكِ، لأَنَّ محبَّة الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ". أجل: محبَّة المال دفعت يهوذا إلى أن يتحالف مع الشيطان ضد رب المجد. لقد أحب المال أكثر من الرّب الذي سبق وأن سمعه يعلّم قائلاً: "لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟" (متى 26:16). وهكذا ارتبط اسم يهوذا على مدى التاريخ بالعار والخيانة والطمع ومحبَّة المال.