ثلاثة أسئلة تتعلق بخيانة يهوذا:
السّؤال الأول: لماذا أقدم يهوذا الإسخريوطي على فعل الخيانة الفظيع؟
كان يهوذا رجلاً له امتيازات كثيرة جدّاً. لقد كان رسولاً وأميناً لصندوق الجماعة المسيحيّة الأولى، ومرافقاً لرّب المجد يسوع بشكل شخصي، ومرافقاً أيضاً لأقدس جماعة بشريّة كانت على وجه الأرض، ومع ذلك جازف بكل شيء وأصبح ذكره مرتبطاً بالسرقة والخيانة.
أجاب النّاس على هذا السّؤال بطرق شتّى محاولين فهم الدوافع التي أدت بيهوذا أن يخون سيده، ومما قالوه:
1. إن يهوذا كان الرسول الوحيد الذي لم ينحدر من الجليل، فاسمه في اللغة العبرية يهوذا الاسخريوطي أي ايش كريوت، وكلمة ايش تعني رجل، أي أن يهوذا كان رجلاً من كريوت وليس الجليل بخلاف بقية الرُّسل. في حين أن الرّب يسوع وبقية التلاميذ كانوا جليليين، ولربما أن ذلك ولّد لديه إحساساً بعدم الانتماء قاده إلى ارتكاب خيانة الرّب.
2. آخرون قالوا أن يهوذا علم بالمؤامرة التي كان يحيكها رجال الدين اليهود مع والي روما للقضاء على الرّب يسوع وتلاميذه، وأراد بالتالي أن ينجو بجلده عن طريق العمالة والخيانة.
3. آخرون فسّروا خيانته بسبب خيبة أمله من الرّب يسوع. فقد توقع يهوذا أن يُقدم المسيح على مواجهة الاحتلال الروماني لفلسطين بالثورة العسكرية، ولكن الرّب يسوع علّم عن محبَّة الأعداء، وعن نبذ العنف، وعدم اللجوء إلى القوة لحل المشاكل.
لجأ المفسرون إلى تحليل اسم يهوذا قائلين أن معنى كلمة اسخريوطي في صيغتها اليونانية تعني "حامل الخنجر"، وبما أنه كان عضواً في إحدى الحركات اليهودية التي كانت تحارب الوجود الروماني في فلسطين بالثورة والعنف، فقد انضم إلى حلقة التلاميذ وتبع الرّب يسوع راجياً أن يكون المسيا المنتظر والملك الموعود به لخلاص اليهود من ظلم روما. ولكن آماله خابت، فقام بالخيانة على أمل دفع المسيا إلى اللجوء إلى العنف ومقاومة القبض عليه، ولكن ذلك لم يحدث.
4. مفسرون آخرون قالوا أن يهوذا لم يستطع أن يخفي حقيقته الداخلية عن الرّب يسوع. ففي محضر الرّب، عرف يهوذا حقيقة نفسه بأنه عريان ومكشوف، ولا يستطيع أن يظهر أمام الرّب بمظهر البر والتقوى كبقية الرُّسل. وبالتالي لجأ إلى خيانة الرّب للتخلص من إحساسه بالعار والخطيَّة.
5. إجابات أخرى مثل القول بأن يهوذا تعرض للخداع من قبل رجال الدين اليهود، أو أنهم هددوه بالقتل أو الحرمان إن لم يسلمهم المسيح.