هل تفرح يا يونان فرحا عظيما من أجل اليقطينة التى ظللت عليك ، ولا تفرح ولو قليلا ، بل تغتاظ من أجل رحمة الله التي ظللت على 120 ألف نسمة؟! ألم يكن الأجدر أن تفرح هذا الفرح العظيم من أجل خلاص نينوى ؟!
ولكنك فرحت باليقطينة ، لآتك تفكر في راحتك الشخصية ، في ذاتك ، وليس في ملكوت الله على الأرض ..! والله رأى في أن يفرحك بهذا الأسلوب الذي تفرح به. لكي يريك أنه مهتم بك ، وأنه لا يعاملك حسب أعمالك ، بل حسب وفر حنانه… ينزل الله إلى مستواك المادي ،لكي يرفعك إلى المستوى الروحي اللائق بنبي … انه يعاملك بهذه الشفقة وأنت خاطئ ، لكي يغرس في قلبك الشفقة نحو الخطاة . وهكذا يعالج قسوتك على أهل نينوى وعدم رحمتك نحوهم .
واليقطينة التى أعدها الله ليونان ، كانت تحمل هدفين :
الأول هو إظهار الشفقة نحو يونان إذ تظلل عليه ، والهدف الثاني أن يتعلم من قصتها درسا روحيا نافعا لحياته . بنمو اليقطينة يعمل الله عمل رحمة نحو يونان ، وبهلاك اليقطينة في يبسها ، يعمل الله عمل تعليم وإرشاد ليونان ، لكي ما تستفيد ماديا ونفسيا وروحيا.
داخل نينوى كان يعمل مع الله في نشر ملكوته بالكرازة، وخارج نينوى كان الله يعمل لآجل يونان لتخليص نفسه ، ولتخليصه من غمه…
واستمر الله يعمل ، في هدوء وصمت ، دون ان يحس يونان بعمله . عندما فرح يونان باليقطينة ، فرح بظلها ،ولكنه لم يفرح بدرسها، إذ لم يكن قد تلقاه بعد. فرح باليقطينة، ولم يفرح بالله الذي كان يعمل وراء اليقطينة من أجله.
وإذ بدأت خطة الله تأتي بثمرها ، ضرب اليقطينة فيبست ، أعد لها دودة فضربتها . وانتهى الدور الذي قامت به اليقطينة وبقى ان يتخذها الله مادة للتعليم !
ضاعت اليقطينة ، وضاع الظل ، وضربت الشمس على رأس يونان فذبل ، واشتهى لنفسه الموت . كل ذلك كان بتدبير من الله ، لكي يعطى يونان درسا نافعا لخلاص نفسه.
حقا أن الله يدبر كل شئ للخير. الظل للخير، وضربة الشمس للخير أيضا.
يمكن أن يذبل الجسد، ويكون هذا خيرا، لكي تنتعش الروح . ويمكن أن يتضايق يونان وتتعب نفسه ويشتهى الموت، وتكون ضيقته وتعبه جزء ا من الخطة الإلهية صالحا لتخليص روحه وتنقية قلبه….
ان الله يريد لنا الخلاص، وهو مستعد أن يستخدم كافة السبل النافعة لخلاصنا ، حتى لو كانت تحمل أحيانا تعبا للجسد ، أو تعبا للنفس