نظام الكون:
إنك إن رأيت كومة من الأحجار ملقاة في كل مكان، ربما تقول إنها وجُدت هناك بالصدفة. أما إن رأيت أحجارًا تصطف إلى جوار بعضها البعض، وفوق بعضها البعض، حتى تكون حجرات وصالات بينها أبواب ولها منافذ وشرفات.. فلابد أن تقول: يقينًا هناك مهندس أو بناء وضع لها هذا النظام...
هكذا الكون في نظامه، لا بُدّ من أن الله قد نظمه هكذا. حتى أن بعض الفلاسفة أطلقوا على الله لقب (المهندس الأعظم).
+ ولنضرب المثل الأول بقوانين الفلك. وذلك النظام العجيب الذي يربط بين الشموس والكواكب، والذي تخضع له النجوم في حركتها وفي اتجاهاتها، مع العدد الضخم من المجرات والشهب...
الأرض تدور حول نفسها مرة كل يوم، ينتج عنها النهار والليل. ومرة كل عام حول الشمس، تنتج عنها الفصول الأربعة. وهذا النظام ثابت لا يتغير منذ آلاف السنين، أو منذ خُلقت هذه الأجرام السمائية ووضعت لها قوانين الفلك التي تضبطها...
لهذا كان علم الفلك يُدرّس في كليات اللاهوت، لأنه يثبت وجود الله، وبالمثل كان يُدرس علم الطب، لنفس الغرض.
نفس قانون الفلك نلاحظه في العلاقة بين القمر والأرض، التي تنتج عنها أوجه القمر بطريقة منتظمة من محاق إلى هلال إلى تربيع إلى بدر.. لكل هذا ما أجمل قول المرتل في المزمور: "السموات تحدث بمجد الله، والفلك يخبر بعمل يديه" (سفر مزامير 19: 10).
ليس النظام الذي وضعه الله في الكون قاصرًا على السماء وما فيها، إنما أيضًا ما يختص بالحرارة وضغط الهواء والرياح والأمطار. وكل هذا يحدث في كل بلد بطريقة منتظمة متناسقة، مع ما يتبعه من أنظمة الزراعة والنباتات.
بل ما أعجب ما وضعه الله من نظام في طبيعة النحلة وإنتاجها.
إنها مجرد حشرة. ولكنها تعمل في نظام ثابت ومدهش، وكأنها في جيش منتظم، سواء الملكة أو العمال، وتنتج شهدًا له فوائد كثيرة جدًا، وبخاصة نوع غذاء الملكات ذي القيمة الغذائية الهائلة الذي يصنعونه فيما يعرف باسم Royal Jelly ويبيعونه في الصيدليات. وما أجمل ما قاله أمير الشعراء أحمد شوقي عن مملكة النحل:
مملكة مدبرة بامرأة مؤامرة
تحمل في العمال والصناع عبء السيطرة
أعجب لعمال يولون عليهم قيصرة
هذه النحلة في نظامها تثبت وجود الله. وشهدها الذي تنتجه -في عمق فوائده- يثبت هو أيضًا وجود الله.
إثبات آخر لوجود الله هو المعجزات.