![]() |
اعتداد الفرِّيسي وكبرياؤُه
https://upload.chjoy.com/uploads/164744661624892.jpg اعتداد الفرِّيسي وكبرياؤُه لمَّا كان الفرِّيسي يحافظ بدقَّة فائقة على شريعة موسى وعلى الفرائض الدينيَّة الموروثة عن الأقدمين, فقد أخذ يشعر في نفسه شعوراً عميقاً بأنَّه إنسانٌ بارّ وقدِّيس, وبأنَّه يعيش في جوٍّ دينيٍّ صافٍ أسمى بما لا يُقاس من الجوِّ الدينيِّ المُتدنِّي الذي كان ينغمس فيه سائر الناس, ولا سيَّما من كان منهم عشَّاراً. إنَّ هذا الشعور الداخلي بالقداسة الفائقة قد جعله يعتدُّ بنفسه حتى أمام الله وهو يصلِّي في الهيكل, ويفتخر بتقواه, ويعدِّد بالتفصيل أعماله الصالحة, ويقيم المقارنة بينه وبين سائر الناس. لقد ارتكب الفرِّيسي خطأَيْن كبيرَيْن في صلاته أمام الله: الخطأ الأوَّل هو أنَّه استسلم إلى الكبرياء استسلم إلى خطيئة الكبرياء فمدح نفسه ولم يذكر خطاياه, بل شكر لله أنَّه في سلوكه الدينيّ والخُلُقيّ أفضل من سائر الناس. وقد بلغ شأواً بعيداً من البِرِّ والقداسة حتى أصبحت حياته نموذجاً ومثالاً للتقوى وحفظ الشريعة وتتميم الفرائض الموروثة. الخطأ الثاني هو أنَّه قابل نفسه بالآخرين والخطأ الثاني الذي ارتكبه هو أنَّه أقام مقابلةً بينه وبين سائر الناس. فَهُمْ على خلاف ما هو عليه من التقوى والعدل وحفظ الوصايا. إنَّهم لصوص وظالمون وفاسقون, ومن أقبحهم العشَّار اللصّ الواقف عند باب الهيكل. إنَّ هذا الفرِّيسي لم يعرف معنى الصلاة الحقيقيَّة. فهو لم يطلب نعمة الثبات على التقوى وحُبِّ الفضيلة, بل اعتبر نفسه مصدر التقوى والقداسة, فلا يحتاج إلى أيَّة نعمة سماويَّة ترفعه إلى مستوى روحي أعلى ممَّا هو عليه. إنَّ اعتداده بنفسه دفعه إلى مثل هذه الكبرياء الفاحشة فخرج من الهيكل ولم ينل مغفِرة خطاياه, ولم يحظَ بالبرارة الداخليَّة الحقَّة. كبرياء بعض المسيحيين إنَّ هذا الموقف المتَّصف بالكبرياء والتعالي على الآخرين يَقِفُهُ اليومَ بعضُ المسيحيين المتكبِّرين الذين يعتدُّون بتقواهم وسيرتهم الصالحة ومحافظتهم المُثلى على وصايا الله ووصايا الكنيسة, ولا يهدأون عن التشهير بالناس, فيصفونهم بأنَّهم مصدر الشرّ, وأعوان إبليس, ومنبع الخطايا والشكوك والعثرات. إنَّهم يعتبرون أنفسهم, كالفرِّيسي المُتكبِّر, مثال الكمال الروحي, فلا يحتاجون إلى نعمة الله للثبات على التقوى وممارسة الواجبات الدينيَّة, ولا يرفعون إلى الله الضراعة لطلب الرحمة ومغفِرة خطاياهُم. إنَّ الكبرياء هي خطيئةُ الشيطان التي فتحت في وجهه باب جهنَّم, وخطيئةُ آدم التي أغلقت أمامه باب السعادة السماويَّة. |
الساعة الآن 12:39 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025