منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   وعظات كتابية (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=22)
-   -   حياة الإيمان (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=3803)

tito227 13 - 05 - 2012 04:37 PM

حياة الإيمان
 
حياة الإيمان
بقلم‏:‏ البابا شنودة الثالث

http://www.ahram.org.eg/Archive/2006...abashnoda3.jpg

النقطة الأولي‏:‏ هي الفرق في الإدراك بين الإيمان والعقل والحواس‏.‏ الإيمان هو مستوي أعلي من مستوي العقل والحواس‏.‏


فالحواس تدرك الماديات فقط والمرئيات‏.‏ أما الإيمان فيتسع نطاقه إلي الإيمان بما لا يري‏.‏

فالله مثلا هو فوق مستوي المرئيات والحواس‏,‏ ولكننا ندرك وجوده بالإيمان‏,‏ علي الرغم من أننا لا نراه‏..‏ وكذلك الملائكة‏:‏ لا نراهم بعيوننا‏,‏ ولكننا نؤمن بوجودهم هم‏.‏ وبالوضع نفسه نتكلم عن الأرواح‏.‏ إننا لا نري الروح‏,‏ ولكننا بالإيمان نؤمن بوجودها‏.‏ أيضا العالم الآخر بكل أوصافه‏:‏ لم يره أحد قط‏,‏ ولكننا نؤمن بوجوده‏.‏ كذلك نؤمن بالأبدية وبكل وعود الله الخاصة بها‏.‏

وهنا يبدو الفارق بين رجال الإيمان‏,‏ ورجال البحوث العلمية‏.‏

أصحاب البحوث العلمية لا تدخل في نطاق عملهم كل تلك الأمور التي لا تري‏.‏ وهم لا يكونون في حالة يقين من شيء‏,‏ إلا إذا فحصوه تماما بكل أجهزتهم ومقاييسهم العلمية‏.‏ وعلي نفس هذا المنهج كل أصحاب المذاهب المادية‏.‏
‏***‏
الإيمان لا يتعارض مع الحواس‏.‏ لكن نطاقه أوسع منها بكثير‏..‏ إنه قدرة أعلي من قدرة الحواس التي لها نطاق محدود لا تتعداه‏.‏ فالحواس المادية تدرك الأشياء المادية فقط‏.‏ وحتي قدرتها بالنسبة إلي الأشياء المادية هي قدرة محدودة أيضا‏.‏ وكثيرا ما تستعين الحواس بالعديد من الأجهزة لمعرفة أشياء مادية أدق من أن تدركها حواسنا الضعيفة‏.‏ فكم بالحري إذن الأمور غير المادية‏.‏

فالروح مثلا لا تدركها الحواس المادية‏,‏ سواء كانت روح بشر أو روح ملاك‏.‏ وعدم إدراك الحواس لها‏,‏ لا يعني عدم وجودها‏.‏ إنما يعني أن قدرة الحواس محدودة‏,‏ لا تصل إلي مستوي رؤية الروح‏.‏
‏***‏
وكما أن الحواس البشرية محدودة في قدرتها‏,‏ كذلك العقل البشري محدود في معرفته‏..‏ ولا يدرك سوي الأمور المحدودة‏.‏

العقل قد يوصل الإنسان إلي بداية الطريق في إدراك وجود الله وبعض صفاته‏.‏ ولكن الإيمان يوصله إلي نهاية الطريق‏.‏

الإيمان لا يتعارض مع العقل‏,‏ لكنه يتجاوزه إلي مراحل أبعد بما لا يقاس لا يستطيع العقل بمفرده أن يصل إليها‏.‏

فمثلا خلق الكائنات من العدم‏,‏ مسألة يعرضها الإيمان‏.‏ والباحث العلمي لا يستطيع أن يدركها‏.‏ والعقل مع ذلك يتسلمها من الإيمان ويدركها‏.‏ ذلك لأن العقل قد يقبل أشياء كثيرة حتي لو كان لم يدركها‏.‏

وليس من طبيعة العقل أن يرفض كل ما لا يدركه

حتي في نطاق الأمور المادية في العالم الذي نعيش فيه‏:‏ توجد مخترعات كثيرة لا يدركها إلا المتخصصون‏,‏ ومع ذلك فالعقل العادي يقبلها ويتعامل معها‏,‏ دون أن يدرك كيف تعمل وكيف تحدث؟‏!‏

والموت يقبله العقل ويتحدث عنه‏.‏ ومع ذلك فهو لا يدركه‏,‏ ولا يعرف كيف يحدث‏!!‏ فإن كان العقل يقبل أمورا كثيرة في عالمنا وهو لا يدركها‏,‏ فطبيعي أنه لا يوجد ما يمنعه من قبول أمور أخري أعلي من مستوي هذا العالم‏.‏

‏***‏
العقل مثلا لا يدرك‏(‏ المعجزة‏)‏ وكيف تتم‏,‏ ولكنه يقبلها ويطلبها‏,‏ ويفرح بها‏..‏

ولقد سميت المعجزة معجزة‏,‏ لأن العقل يعجز عن إدراكها وعن تفسيرها‏.‏ ولكنه يقبلها بالإيمان‏,‏ إذ يؤمن بوجود قوة غير محدودة أعلي من مستواه‏,‏ يمكنها أن تعمل ما يعجز هو عن إدراكها‏.‏ وهذه القوة هي قدرة الله القادر علي كل شيء‏.‏

إننا نحترم العقل‏.‏ ولكننا في الوقت نفسه ندرك حدود النطاق الذي يعمل فيه‏.‏ ولا نوافق العقل في طموحه حينما يريد أن يستوعب كل شيء‏,‏ رافضا ما هو فوق مستوي إدراكه‏!‏

‏***‏
النقطة الثانية في موضوعنا‏,‏ أنه يوجد نوعان من الإيمان‏:‏

إيمان نظري‏,‏ وإيمان عملي‏:‏

الإيمان النظري‏,‏ هو إيمان فكري فلسفي‏:‏ مجرد الاقتناع العقلي بوجود الله‏,‏ وبوجود الأمور التي لا تري‏,‏ دون أن يكون لذلك أي تأثير علي الحياة‏!‏ وهو إيمان سهل‏.‏ فما أسهل إثبات وجود الله بالأدلة العقلية والبراهين العديدة‏.‏

أما الإيمان العملي‏,‏ فتظهر علاماته في الحياة العملية‏..‏ فما هي؟

‏***‏
‏*‏ العلامة الأولي هي ارتباط الإيمان بالفضيلة ونقاوة القلب فمثلا‏:‏ لاشك أنك لا تخطئ أمام إنسان بار تحترمه‏.‏ وقد تكون في حضرته في منتهي الحرص‏,‏ تستحي أن ترتكب شيئا مشينا أمامه‏.‏ إذ لا تحب أن يأخذ عنك فكرة سيئة أو أن تسقط من نظره‏.‏ بل قد تحترس أيضا أمام أحد مرءوسيك أو خدمك‏,‏ لئلا يحتقرك في داخله أو يقل احترامه لك‏.‏ لذلك فغالبية الخطايا تعمل في الخفاء‏,‏ إما بسب الخوف أو الاستحياء‏.‏

فإن كنت تخجل أو تخاف من إنسان يراك‏,‏ فكم بالأولي الله؟‏!‏

إذن إن آمنت تماما بأن الله موجود في كل مكان أنت فيه‏,‏ يراك ويسمعك ويرقبك‏,‏ فلاشك سوف تخجل أو تخاف من أن ترتكب أي خطأ أمام الله‏.‏

فهل عندك هذا الشعور؟‏..‏ هل يكون أمامك في كل خطيئة تحارب بارتكابها؟‏..‏ لو عرفت هذا ستخجل وتخاف‏,‏ وتمتنع عن الخطية‏.‏ لأن خوف الله سيكون أمام عينيك باستمرار في كل مرة تحاول أن تخطئ‏.‏

بل إنك تشعر بالاستحياء من أرواح الملائكة والقديسين‏:‏

هؤلاء الذين لا يحتملون منظرك في الخطيئة‏.‏ بل إنك قد تخجل أيضا من أرواح أصدقائك ومعارفك الذين انتقلوا من هذا العالم‏,‏ وكانوا يأخذون فكرة طيبة عنك‏.‏

وإن كنت تؤمن بأن الله فاحص القلوب وقارئ الأفكار

فلاشك أنك سوف تستحي من كل فكر رديء يمر بذهنك‏,‏ ومن كل شهوة رديئة تكون في قلبك‏.‏

لذلك كله‏,‏ فالذي يؤمن بأهمية علاقته بالله‏,‏ يخشي ارتكاب الخطية‏,‏ لأنها تفصله عن الحياة مع الله‏.‏
‏***‏

النقطة الثانية‏:‏ ان حياة الإيمان ترتبط بسلام القلب وعدم الخوف‏:‏

من صفات المؤمن أن قلبه يكون باستمرار مملوءا بالسلام والهدوء‏,‏ لا يضطرب مطلقا‏,‏ ولا يقلق ولا يخاف‏.‏ لأنه يؤمن بحماية الله له‏.‏ وهو يحتفظ بسلامه الداخلي‏,‏ مهما تكن الظروف المحيطة تبدو مزعجة‏.‏ ويخاف الشخص الذي يشعر أنه واقف وحده‏.‏ أما الذي يؤمن بالله فلا يخاف‏.‏

إن المؤمن لا يستمد سلامه الداخلي من تحسن الظروف الخارجية من حوله‏,‏ بينما يستمد السلام من عمل الله فيها ومعه في وسط الضيقة أيا كانت‏,‏ تري الإيمان يعطي سلاما‏.‏ ضيقة يتعرض لها اثنان‏:‏ أحدهما مؤمن والآخر غير مؤمن‏.‏ فيضطرب غير المؤمن ويخاف ويقلق‏,‏ ويتصور أسوأ النتائج‏,‏ وتزعجه الأفكار‏.‏ أما المؤمن فيلاقيها بكل اطمئنان وبسلام قلبي عجيب‏,‏ واثقا أن الله سيتدخل ويحلها‏,‏ وأنها ستئول إلي الخير‏,‏ ويقول في ثقة إن الله المهتم بالكل سوف يهتم بي‏..‏ وحقا إني لا أعرف كيف ستحل المشكلة‏,‏ لكني أعرف الله الذي سيحلها‏.‏

‏***‏
النقطة الثالثة‏:‏ أن الإيمان يمنح صاحبه قوة

إن المؤمن إنسان قوي‏,‏ يؤمن بقوة الله العاملة فيه‏.‏ فشعورنا بوجود الله معنا‏,‏ يمنحنا قوة إلهية ترافقنا وتحفظنا‏.‏

إن الإيمان ـ أيا كان نوعه ـ هو قوة‏.‏ يكفي أن يؤمن الإنسان بفكرة‏,‏ فتراه يعمل بقوة لكي ينفذها‏,‏ فالإيمان يمنحه عزيمة وإرادة وجرأة‏,‏ ما كانت له من قبل‏..‏ هكذا كان المصلحون في كل زمان ومكان‏.‏ آمنوا بفكرة‏,‏ فجاهدوا بكل قوة لتنفيذها‏.‏ وبسبب إيمانهم‏,‏ احتملوا الكثير من الضيق حتي أكملوا عملهم‏.‏ المهاتما غاندي مثلا‏,‏ آمن بحق الإنسان في الحرية‏,‏ وآمن بسياسة عدم العنف‏.‏ فمنحه هذا الإيمان قوة عجيبة استطاع بها أن يحرر الهند‏,‏ وأن يعطي للمنبوذين حقوقا في مساواة مع مواطنيهم‏.‏

الإيمان أيضا بنطرية علمية يكون مصدر قوة في نطاقها‏:‏

مثال ذلك رواد الفضاء‏,‏ في إيمانهم بما قيل لهم عن منطقة انعدام الوزن‏.‏ وكيف أن الإنسان يمكن فيهم أن يمشي في الجمر دون أن يسقط‏!‏ من من الناس يمكنه أن يجرؤ أن يمشي في الجو دون أن يخاف؟‏..‏ أما الذي جعل الرواد ينفذون ذلك‏,‏ فهو إيمانهم الأكيد بصحة بحوث العلماء الذين أعلنوا هذا‏.‏ فالإيمان بهذا منحهم قوة وشجاعة‏.‏ فكم بالأكثر الإيمان بالله‏.‏

‏***‏
إن الإيمان ليس هو مجرد عقيدة‏,‏ بل هو عقيدة وحياة

بقي الحديث عن بساطة الإيمان‏,‏ وما يغذي الإيمان وما يضعفه‏,‏ وأيضا الشكوك التي تحارب الإيمان‏.‏ وكل هذه وغيرها‏,‏ مما لا يتسع له هذا المقال‏.‏

لهذا نكتفي الآن بما ذكرناه‏.‏

MenA M.G 24 - 08 - 2016 11:33 AM

رد: حياة الإيمان
 
العظة مفيدة جداً
ربنا يبارك خدمتك


الساعة الآن 06:05 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025