![]()  | 
	
		
 أعطني قلبًا مُرْضِيًا لدى الله 
		
		
		"مِن فَيضِ قَلبِه يَتَكَلَّمُ لِسَانُه" (لوقا 6: 45) يُحكَى أَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ يُفَكِّرُونَ كَثِيرًا فِي كَيفِيَّةِ حِمَايَةِ أَلْسِنَتِهِمْ مِنَ الزَّلَلِ، وَكَيْفَ يَضْمَنُونَ صَوَابَ كَلِمَاتِهِمْ وَتَأثِيرَهَا. وَبَينَمَا هُمْ فِي تَفْكِيرِهِمْ، أَقْبَلَ عَلَيهِمْ مَلَاكٌ مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا: "لَقَدْ سُرَّ اللهُ بِكُمْ وَأَنْتُمْ تُفَكِّرُونَ فِي أَمْرٍ كَهَذَا، وَأَرْسَلَنِي لِأَرَى مَاذَا يَطْلُبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ." ثُمَّ اِتَّجَهَ المَلَاكُ إِلَى الأَوَّلِ وَسَأَلَهُ: مَاذَا تُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَكَ اللهُ؟ فَأَجَابَ الأَوَّلُ: "إِنِّي أُخْطِئُ كَثِيرًا فِي كَلَامِي، لِذَلِكَ أُرِيدُ فَمًا مُغْلَقًا. أَعْرِفُ أَنِّي سَوفَ أَخْسَرُ الكَثِيرَ مِنَ الكَلَامِ الجَيِّدِ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ أَقُولَهُ، لَكِنِّي سَأَضْمَنُ أَنِّي لَنْ أُخْطِئَ فِي الكَلَامِ." وَهَكَذَا فَعَلَ لَهُ المَلَاكُ، فَأَعْطَاهُ فَمًا مُغْلَقًا لَا يَنْطِقُ، فَعَاشَ طُولَ عُمُرِهِ أَخْرَسَ، لَا يُخْطِئُ فِي الكَلَامِ، وَلَكِنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ أَيْضًا بِمَا يُفِيدُ. ثُمَّ اِتَّجَهَ المَلَاكُ إِلَى الثَّانِي بِذَاتِ السُّؤَالِ، فَجَاوَبَهُ قَائِلًا: "أَعْطِنِي ذِهْنًا مُتَّقِدًا بِالذَّكَاءِ، وَبِذَلِكَ سَوْفَ يَقِي ذَكَاءُ ذِهْنِي لِسَانِي مِنَ الزَّلَلِ، وسأعرف أن أُميِّزَ بين المفيدِ والمُضِرِّ من الكلام. وكان له هذا، فأعطاه الملاكُ ذِهنًا مُتَّقِدًا بالذَّكاءِ، وكان يُميِّزُ بين المفيدِ من الكلامِ والضَّارِّ بذلك الذِّهنِ المُتَّقِدِ ذكاءً، إلَّا أنَّ مشاعِرَهُ وأحاسيسَهُ كانت تَغلِبُهُ أحيانًا، فينطِقُ بما لا يُريدُ أنْ ينطِقَ، ويقولُ ما يَعرِفُ أنَّه ضارٌّ. لقد كان ذِهنُهُ يُميِّزُ بين المفيدِ والضَّارِّ، أمَّا إرادتُهُ فكانت تَغلِبُهُ أحيانًا. وأخيرًا جاءَ الملاكُ الثَّالثُ بذاتِ السُّؤالِ، فلم يُجِبِ الثَّالثُ على الفَورِ، ولكنَّه فَتَحَ الكتابَ المقدَّسَ على إنجيلِ القدِّيسِ لوقا، وقرأَ بصوتٍ عالٍ: "فمِن فَيضِ قَلبِه يَتَكَلَّمُ لِسانُهُ" (لوقا 6: 45). ثمَّ بدأ يُوجِّهُ كلامَهُ للملاكِ قائلًا: "أعطني قلبًا مُرْضِيًا لدى الله، وبذلك لن أخشى الزَّللَ في الكلام، ولن أفكِّرَ كثيرًا قبل أنْ أنطِقَ، فقلبي الطَّاهرُ سيَضمَنُ لي أنْ أُخرِجَ كلماتٍ نقيَّةً في وقتِها الصَّحيحِ." وقد أعطاهُ الملاكُ ما طَلَبَ، فعاشَ سعيدًا هانئًا. ويُحكَى أنَّ ذلك الشَّخصَ لم يُخطِئْ في كلامِه قَطُّ، بل كان كلُّ كلامِه كلامَ حِكْمَةٍ، وكان بَلسَمًا لكلِّ مُتألِّمٍ، وتشجيعًا لكلِّ ضعيفٍ. وقد كانت أحلى كلماتِهِ تلكَ الَّتي يَتَرَنَّمُ بها، هي تلك الَّتي يقرأُها في الكتابِ المقدَّسِ. وفي كلِّ صباحٍ، كانَ يَتَرَنَّمُ قائلًا: "قَلْبًا طاهِرًا اخلُقْ فيَّ يا أللهُ، ورُوحًا ثابِتًا جَدِّدْ في باطِنِي" (مزمور 51: 12).  | 
| الساعة الآن 04:54 AM | 
	Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025